هززت رأسي موافقا، فصرخ فجأة بصوت غاضب: «هل تفهم؟»
فزعت للحظة حتى ارتج جسدي من المفاجأة، تغير وجهه فجأة إلى النقيض، في ثوان اختفى اللطف، وتلاشت الابتسامة العريضة، ورحت أحدق في وجه شيطاني ونظرة يتطاير منها الشرر. حاولت أن أرد لكن خرج صوتي مبحوحا ضعيفا، فسعلت قليلا ثم قلت: «نعم، أفهم.»
لثوان راح يرمقني بذات النظرة الغاضبة، ثم - فجأة - عادت ابتسامته على وجهه، وعادت النظرة اللطيفة، أشعل سيجارة ومد لي واحدة، فاعتذرت. قال، وهو ينفث الدخان: «برغم كل شيء؛ فأنتم مثل أبنائي، هل تعلم أنه لدي ابن في مثل عمرك؟»
المزيد من الدخان. - «لا أحب العنف إلا مضطرا، لذلك أحبذ تجربة الوسائل السلمية أولا. أتمنى أن تستطيع إقناع صديقك بالتحدث؛ حتى لا أضطر لاستخراج الحديث منه بالطرق الصعبة.»
المزيد من الدخان. - «لديك حتى صباح الغد.»
عاد، وجلس خلف مكتبه، وقال مضيفا: «بلدك فخور بك. لا تنس ذلك.»
ثم نادى على الحارس خارج المكتب، فدخل وأدى التحية العسكرية، وخرجت معه.
رحنا نمشي في ذات الممر عائدين، قال لي الحارس، وهو يعبث في كيس التمباك، ثم يخرج «سفة»، ويضعها في شفته السفلى: «صاحبك دقس، سعادة خاتيهو في راسو. شكله بتاع كفاوي.»
ثم أضاف وهو يعيد كيس التمباك إلى جيبه، ويمسح على أطراف أصابع يده اليمنى بيسراه؛ حتى يتخلص من البقايا: «الله يستر.»
وصلنا إلى آخر الممر، ودلفنا إلى ممر جانبي، ثم توقف الحارس بجانب الباب الحديدي في آخر الممر، أخرج المفاتيح وعبث في القفل قليلا، وعندما انفتح الباب أمرني بالدخول، ثم أغلق الباب خلفي.
Неизвестная страница