Гегель: Очень короткое введение
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
كذلك وضع العبد ليس كما بدا للوهلة الأولى. بالطبع يفتقر العبد إلى اعتراف كاف به، فهو مجرد شيء في نظر السيد. من ناحية أخرى، يعمل العبد في العالم الخارجي. وعلى عكس سيده، الذي يحقق شعورا مؤقتا بالرضا ناتجا عن الاستهلاك، يشكل العبد الأشياء المادية التي يعمل عليها ويصنعها؛ وبهذا يحول أفكاره الشخصية إلى شيء دائم، وخارجي (فعلى سبيل المثال، إذا ما صنع العبد من لوح خشب كرسيا، يبقى تصوره عن الكرسي وتصميمه والجهد الذي بذله في صنعه جزءا من العالم). ومن خلال هذه العملية يصبح العبد أكثر دراية بوعيه الشخصي؛ نظرا لأنه يراه أمامه كشيء ملموس. عند العمل، حتى وإن كان العمل تحت إمرة عقل عدائي آخر، يكتشف العبد أن لديه عقلا خاصا به.
بعد مرور ما يقرب من أربعين عاما، طور كارل ماركس مفهومه عن «العمل المغترب». اعتبر ماركس - مثله مثل هيجل - أن العمل هو عملية يضع بها العامل أفكاره ومجهوداته الشخصية - في الواقع أفضل ما لديه - في الشيء الذي يعمل عليه. وهكذا يجسد العامل ذاته، أو يشخصها. ثم أثبت ماركس إلى حد كبير نقطة ضمنية فيما يقوله هيجل: لو أن الشيء الناتج عن العمل هو ملك لآخر، وبخاصة شخص آخر غريب وعدائي، لفقد العامل ذاته المجسدة. هذا ما يحدث لعمل العبد، لكنه يحدث أيضا، كما يصر ماركس، في ظل الرأسمالية. فالكرسي أو الحذاء أو الأقمشة أو غيرها من الأشياء التي قد أنتجها العامل تخص صاحب رأس المال. وهي تمكن الشخص الرأسمالي من التربح؛ ومن ثم زيادة رأس ماله وتعزيز هيمنته على العمال. إذن فالعامل لم يفقد ذاته المجسدة فحسب، بل تحولت إلى قوة عدائية تستبد به. هذا هو العمل المغترب، الفكرة الرئيسية لكتابات ماركس الأولى، ومقدمة مفهوم فائض القيمة الذي كان الأساس الذي استند إليه النقد الماركسي للنظم الاقتصادية الرأسمالية.
الفلسفة والدين
يرى ماركس أن حل مشكلة العمل المغترب هذه كان إلغاء الملكية الخاصة وتقسيم البشر إلى حكام ومحكومين. أما هيجل، على الجانب الآخر، فكان يرى نفسه يتبع مسارا سبق أن سلكه الوعي بالفعل. لذا لم يكن هناك إمكانية للقفز في هذه المرحلة نحو مجتمع مستقبلي ما بلا طبقات. في واقع الأمر، في هذه المرحلة بالضبط أصبح كتاب «فينومينولوجيا العقل» تاريخيا بصورة أكبر، مقتربا من المادة التي تناولها هيجل لاحقا على نحو أكثر تحديدا في كتابه «فلسفة التاريخ». إن الجزء الخاص بالسيد والعبد تليه مناقشة حول «الرواقية»، وهو مذهب فلسفي أصبح ذا أهمية في ظل الإمبراطورية الرومانية، ومن أبرز كتابه ماركوس أوريليوس الإمبراطور، وإبيكتيتوس العبد. إذن الرواقية ترأب الصدع بين السيد والعبد؛ ففي الرواقية، يمكن أن يجد العبد المقموع، الذي وصل إلى وعي ذاتي كامل من خلال عمله، نوعا من الحرية. فمن تعاليم الرواقية أن ينسحب الشخص من العالم الخارجي - حيث يبقى العبد عبدا - ويختلي بذاته. كذلك يقول هيجل: «عندما أفكر فأنا حر؛ لأنني لست متصلا بآخر، لكن أبقى ببساطة على اتصال بذاتي فحسب؛ والشيء الذي أرى أنه واقعي الحقيقي هو ... وجودي الشخصي.» ثم يقول من جديد: «إن جوهر هذا الوعي هو أن تصبح حرا؛ سواء أكنت معتليا العرش أم مقرنا في الأصفاد ...» يظل الرواقي المقرن في الأصفاد حرا؛ لأنه لا يلقي للأصفاد بالا؛ فهو يحرر نفسه من جسده ويلوذ بعقله؛ حيث لا يمكن أن يمسه أي طاغية.
إن نقطة الضعف الموجودة في مذهب الرواقية هي أن الفكرة - مجردة عن العالم الواقعي - تفتقر إلى أي مضمون محدد. وأفكاره التنويرية خالية من الجوهر، وسرعان ما تصبح مملة. ثم يلي الرواقية اتجاه فلسفي آخر، هو التشككية. ومن التشككية نتقدم إلى ما يطلق عليه هيجل «الوعي الشقي»، وهو مفهوم سأتطرق إليه بإيجاز نظرا لأهميته لدى بعض من أتوا بعد هيجل.
شكل : ماركوس أوريليوس (121-180).
من الواضح أن «الوعي الشقي» هو شكل من أشكال الوعي وجد في ظل المسيحية، ويشير إليه هيجل أيضا باسم «الروح المغتربة»، الذي يقدم فكرة أفضل عما يجول في خاطر هيجل في هذا الشأن. في الروح المغتربة، تتركز ثنائية السيد والعبد في وعي واحد، إلا أن العنصرين لا يتوحدان؛ فالوعي الشقي يتطلع إلى الاستقلال عن العالم المادي، والتشبه بالإله، والخلود والروحانية الخالصة، إلا أنه في الوقت ذاته يقر بأنه جزء من العالم المادي، وأن رغباته المادية وآلامه وملذاته حقيقية ولا مفر منها. نتيجة لذلك ينقسم الوعي الشقي على نفسه. ينبغي أن يكون هذا المفهوم مألوفا من خلال موقف هيجل تجاه نظرية كانط عن الأخلاق، الذي تناولناه في الفصل السابق؛ وفي هذه النقطة، كان هيجل يقصد المسيحية وليس كانط. تذكر قول القديس بولس الرسول: «فأنا لا أعمل الصلاح الذي أريده؛ وإنما الشر الذي لا أريده فإياه أمارس.» وتضرع القديس أوجستين: «امنحني العفة والطهارة، لكن ليس الآن.»
إن ما يقصده هيجل هو أي ديانة تقسم الطبيعة البشرية على نفسها، وأكد أن هذا هو نتيجة أي ديانة تفصل الإنسان عن الإله، بوضع الإله في «عالم بعيد» خارج عالم البشر. إن مفهومه هذا عن الإله هو في الحقيقة يصور أحد جوانب الطبيعة البشرية. ما لا يدركه الوعي الشقي هو أن الصفات الروحية التي يقدسها في الإله هي في حقيقة الأمر صفات يتمتع بها هو ذاته. وهذا هو المقصود بأن الوعي الشقي هو روح مغتربة؛ فقد تجلت طبيعته الحقيقية في مكان سيظل بعيدا عنه إلى الأبد، مكان يجعل العالم الواقعي الذي يعيش فيه يبدو بائسا وعديم الأهمية مقارنة به.
من يقرأ تناول هيجل لمفهوم الوعي الشقي بمعزل عن كتاباته الأخرى، قد يحسبه يهاجم جميع الديانات، أو على الأقل الديانتين اليهودية والمسيحية وغيرهما من الديانات التي تستند إلى مفهوم أن الإله كائن منفصل عن عالم البشر. يبدو أن هيجل ينكر وجود أي إله بهذا الشكل، ويفسر إيماننا بالإله كتجل لصفاتنا الأساسية. ولم ينج من هجومه سوى مذهب وحدة الوجود، أو مذهب إنساني يقدس الجنس البشري. ومع ذلك، كان هيجل - كما رأينا - عضوا في الكنيسة اللوثرية، وتناول المسيحية البروتستانتية على نحو إيجابي في كثير من كتاباته الأخرى، بما فيها كتاب «فلسفة التاريخ»، بل وفي جزء لاحق من كتاب «فينومينولوجيا العقل» نفسه. هل وازن هيجل في كتاباته اللاحقة وفي تصرفاته الشخصية آراءه المتطرفة بشأن الدين، كما فعل فيما يتعلق بآرائه المتطرفة بشأن الدولة؟ بعد وفاة هيجل، قام مجموعة من الشباب المتطرف بتبني وجهة النظر هذه من فلسفة هيجل، وظنوا أنهم يتبعون الجوهر الحقيقي والسليم لفكرته، وأولوا اهتماما خاصا لمناقشته للوعي الشقي. وسوف نتعرض لهذا في الفصل الأخير من هذا الكتاب.
غاية العقل
Неизвестная страница