Жизнь Востока: страны, народы, прошлое и настоящее
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Жанры
الفصل الخامس
الأديان في الشرق وتحول بعض شعوب العالم عن المعتقدات
الأديان في الشرق والغرب
يقول علماء الاجتماع إن الدين ظاهرة اجتماعية كغيرها من الظواهر التي لازمت الإنسان بحكم خلقته وتفكيره ومحيطه. غير أن الناظر في أمم الشرق والغرب يدهش لكثرة العقائد التي ظهرت في الشرق وانتشرت في ناحياته منذ الخليقة حتى الآن، وقلة الأديان التي ظهرت في الغرب ولا يزال أهله متمسكين بها. وإذا أعرضنا عن اختلاف الآراء العلمية والدينية من حيث خلق البشر وأصل تكوينهم وما كانوا عليه تفاديا من الدخول في مباحث وإن كانت نافعة إلا أنها بعيدة عن الغاية من هذا الكتاب؛ وجدنا الأصل فيه السذاجة التامة والتجرد عن التفكير وهو الوجود البدائي أو الفطري، وأن المعرفة والعلم والحضارة كلها طارئة عليه، سواء أكانت من السماء بطريق الوحي أم من الاختبار من الحياة والاحتكاك بسائر المخلوقات إلى أن يصل إلى درجة تقرب في نظره القاصر من الكمال، وقد يشترك في إبلاغه هذه الدرجة الهبة والكسب معا، فقد ترقى الإنسان درجات بعضها فوق بعض فسار من الهمجية أو الوحشية وهمه في هذه المرتبة سد الرمق وقضاء شهوته فهو في هذا الطور حاطب وصائد، وإن كان بعض علماء أوروبا كشفوا أنه كان في هذا الطور متفننا ومصورا فعثروا في بعض الأحافير على صور حيوانات انقرضت، وكشف بعض الباحثين في فرنسا على مقربة من قرية جلوزيل آثارا تدل على أنه كان يعرف الكتابة في عهود سابقة لعهد التاريخ، وإن كان انبرى بعض العلماء أمثال بيل الفرنسي رئيس معمل التحقيق الكيميائي في باريس، المتوفى في سنة 1929،
1
لنفي هذه النظرية وتفنيدها والادعاء باصطناع تلك الآثار، ولم يفصل في تلك المسألة إلى حين كتابة هذه الأسطر.
ومن تلك المرتبة انتقل الإنسان إلى المرتبة الثانية وهي مرتبة الألفة والمعيشة المتحدة والنظر إلى عجائب الخليقة والتأمل في الكون بعين الانبهار والدهشة، وقد بدأت العاطفة الدينية تظهر في هذا الطور وبدأ الإنسان يفكر في خالق للكون ومنظم له، وبدأ أيضا يميز بين الخير والشر والضار والنافع، وقد يكون شرع في الكتابة والتدوين على الأحجار والمعادن جهد الاستطاعة، لأن فطرته تدفعه أبدا إلى تدوين الآثار وتركها التي تدل عليه بعده، ولم تكن عقول البشر وصلت إلى البناء والعمارة ولكنها ترقت إلى الزراعة وتأليف الأنعام للانتفاع بها، وقد دامت هذه الفترة بضع مئات من ألوف السنين.
ومنها انتقل الإنسان الموفق في الإقليم الحسن والمحيط الملائم للدرجة الأولى من سلم المدنية كما نفهمها، فنشأت الحضارات القديمة كالحضارة البابلية والآشورية والحميرية والمصرية القديمة والفينيقية وغيرها. وفي تلك الفترة ظهر الأقوياء الذين تسلطوا على القبائل والعشائر وانتحلوا لأنفسهم صفات الرياسة والملك بالقوة القاهرة والحرب، ثم ظهرت المدن والصناعات والتجارة، وكلما ترقى الإنسان فيها ترقى من الوجهة المعنوية فوضعت القوانين وسنت الشرائع وجاءت بعض الأديان بالتدريج على أيدي الحكماء ثم الأنبياء.
بداية الدين
وأول ما ظهرت المعتقدات والشرائع في الشرق، وأقدم ما اطلعنا عليه في العهد الحديث قوانين حامورابي التي وجدت مدونة في الحجر ونشرت في أوروبا في سنة 1900، ولما كانت تلك المدونات ذكرت الطوفان وقصصا تشبه ما ورد في الكتب المنزلة من خلق آدم وحواء وطردهما من الجنة وقصة الأم التي تلد من غير علاقة جنسية مباشرة مما يشبه ما جاء في بعض الأديان المنزلة؛ فقد دهش العلماء في أوروبا، واضطر إمبراطور الألمان ويليم الثاني الهوهنزولرني أن يجاهر برأيه في تمسكه بالدين المسيحي وأن ظهور هذه المدونات لم يزعزع عقيدته في ملته، وكان علماء آخرون من الألمان قد أظهروا تشابها كثيرا بين المسيحية السمحاء وبعض أديان الهند كعقيدة البراهمة وغيرها.
Неизвестная страница