Жизнь Востока: страны, народы, прошлое и настоящее

Мухаммад Лутфи Джума d. 1372 AH
169

Жизнь Востока: страны, народы, прошлое и настоящее

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

Жанры

هذه وجهة نظرنا، نبينها ونحن نحترم عطوفة الأمير شكيب ونجله ونحبه ونثق به كل الثقة ونعتقد ونصرح أنه لم يحرك يوما قلمه أو لسانه إلا بالصدق وفي خدمة الحق والإسلام والشرق.

ولكن حبنا للأمير وثقتنا به لا يمنعنا من مناقشة آرائه في مثل هذه المسألة الجليلة بعد أن كشف عنها الحجاب واستبانت حقيقتها ... ومتى كان الإنجليز يصدقون في سياستهم مع الشرق الضعيف؟ وهل يصدقون مع العراق وقد وصفه الأمير بأنه:

أشبه برجل ضعيف يحمل كنوزا لا يعلم إلا الله قيمتها فهو محاط بلصوص يريدون اغتياله لا بغضا بشخصه بل حبا بسلب الكنوز التي يحملها، وهذا الرجل الضعيف المنفرد إن نجا من لص وقع مع لص آخر.

ولو افترضنا صحة نظرية الأمير من أن الإنجليز يريدون تقوية العرب لصد هجمات دولة عظمى أخرى، أفلا يكون هذا إعادة لمأساة الحرب العظمى؟ فقد تقوى العرب وتعاهدوا مع إنجلترا على خراب تركيا بأمل أنهم يفوزون باستقلالهم، فكانت النتيجة أنهم خسروا وخربوا تركيا وصاروا مضغة في الأفواه، حتى الأمير نفسه يعيب عليهم هذا ويذكرهم به.

ألا فليعلم كل عربي وكل شرقي وكل مسلم في أنحاء البسيطة أن كل فكرة تصدر عن أوروبا في السياسة لا يقصد منها خير للشرق ولا للعرب ولا الإسلام، إنما هي حبالة يقصد بها جر المغانم وسلب الكنوز والقضاء على الأمم الضعيفة.

إن كل فكرة تدبرها أوروبا السياسية لا بد أن تعود بالخراب على الشرق، ونحن لا نزال نذكر تلك النهضة التي سموها نهضة العرب وألف بسببها المرحوم نجيب عازوري كتابه الشهير «نهضة الأمة العربية» باللغة الفرنسية، فإن عرب سورية وتركيا عقدوا في تلك الآونة مؤتمرا في باريس شقوا به عصا الطاعة على الدولة العثمانية، وكانت الجزيرة بركانا مشتعلا تقوم فيه الفتن ولم يكن المحرك لها سوى الإنجليز. وقد شنق معظم المساكين الذين أطاعوا فرنسا وإنجلترا، شنق بعضهم في دمشق وبعضهم في بيروت، ولا نزال نذكر منهم المرحوم السيد عبد الحميد الزهراوي الذي جعلوه رئيس المؤتمر وهو لا يدري من السياسة شيئا وذهب ضحية الغواية والأوهام.

لقد قيل في تلك الفترة إن العرب قد تيقظوا وإن هذه اليقظة كانت انتقاضا على الترك وقياما في وجههم، وكانت سائر الأقطار العربية من سورية والعراق والحجاز كانت على خضوعها للحكم التركي متجهمة في وجه الترك موغرة الصدر عليهم، وذلك بفعل وسطاء إنجلترا وفرنسا الذين كانوا لاجئين إلى مصر وأغلبهم من السوريين والفلسطينيين الذين يعقدون اجتماعاتهم في قهوة اسبلنديدبار، ويتناولون مرتبات من الأموال السرية الفرنسية والإنجليزية. وقد أدخلوا في روع العرب أنهم أمة الرسالة المحمدية، وليس من النصفة في شيء أن يظلوا خاضعين لنير التركي الغريب الطوراني الوثني الذي يعبد الدب الأبيض ... إلى آخر ما اخترعوا وكذبوا. وقد استعمل الفرنسيون بعض السوريين مثل نجيب عازوري الذي ألف كتاب «نهضة الشعب العربي»، ومثل دكتور سمنة الذي لا يزال في باريس وكان ينشئ مجلة فرنسية ضد الأتراك وهو وسيط فرنسا وخادمها الحميم، ثم استكتبوا ڤيكتور بيرار فألف كتابه عن السلطان عبد الحميد والإسلام والدول 1907، وأخذ الدكتور شبلي شميل يكتب المقالات البليغة في الطعن على الترك وتسفيههم ويرى في التركي مخلوقا جلفا منغمسا في الرخاء المادي ذا فجور ووحشية، ولم يستطع في بحر ألف عام أن يخلق لنفسه شبح مدنية يفتخر بها بين الأمم سوى إهراق الدماء وإهلاك الجيوش واحتلال ممالك الشرق. وكانت من وراء هؤلاء صحف يومية تحقد على الأتراك، وتطعن المصريين في مطالبهم الوطنية وتشعل نيران الفتنة بين الترك والعرب، وبعض أصحابها يدعون أن رءوس آبائهم وقعت في ثورة 1860 فهم لا يغفرون للترك ذلك ولا ينسون ثارات آبائهم بعد أن أثروا في مصر بخيانة مصر وصارت لهم القناطير المقنطرة من الذهب والضياع الواسعة من الأراضي الخصبة التي أقطعهم إياها إقطاعا الرجل المسمى كرومر، لأنهم كانوا سدنة هيكله (قصر الدوبارة) وعباده الذين لا ينون في خدمته ... وكأن بينهم وبين الشرق والإسلام ثأرا فهم أعداء لكل خير يأتي إليهما.

وقد نسب إلى شريف مكة على لسان ڤيكتور بيرار أنه قال: «نكره إكراها ونحن فروع الشجرة النبوية المباركة (هذا أمر ليس مشكوكا فيه!) على حناية رءوسنا لهؤلاء الباشوات الأدنياء (عظماء الأتراك) الذين كان غالبهم من قبل عبدانا نصارى، فما استطاعوا بلوغ كراسي الحكم وتقلد أزمة الأعمال إلا بأحط الذرائع وأشين الوسائل.»

وقد أرادت الطبيعة، وسير الأمور، أن بعض الشرفاء من العرب صاروا يطأطئون رءوسهم لا للأتراك الذين دخلوا في الإسلام من ألف سنة، وأعلوا شأنه بفتوحهم، بل لأحط موظف أجنبي من باريس أو لندن، يتحكم فيهم ويبيعهم ويشتريهم بأبخس الأثمان.

وكانت تركيا أثناء القرن التاسع عشر كلما خاضت حربا في أوروبا وخرجت منها مقهورة عقب ذلك ثورة ينفجر بركانها أو انتقاض تشب ناره في قطر من الأقطار العربية.

Неизвестная страница