Жизнь Востока: страны, народы, прошлое и настоящее
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Жанры
وعندما شب كانت كلية عليكره قد ظهرت في الوجود فالتحق بها وأتم دروسه الثانوية في معاهدها، ثم صنع كما يصنع أعيان الهنود فشد رحاله إلى أكسفورد لإتمام دراسته الإنجليزية على النمط السكسوني. وقد روى مولانا شوكت علي في خطبة ألقاها في شهر رمضان في جمعية الشبان المسلمين أنه بعد أن عاد هو من أكسفورد وكان يكفل أخاه محمدا أرسله إلى أكسفورد ليتم علومه ثم التحق بلنكولنزاين حيث يتخرج رجال القانون وعاد حائزا لأعلى الدرجات في الأدب والتاريخ.
ومن تهكم القدر أنه التحق بخدمة الحكومة في الهند فقلد منصبا رفيعا في ولاية بارودا أعظم ولايات الهند الوثنية وأغناها وأرقاها! وقد أحبه راجاه بارودا وقربه وفضله على الوزراء الوثنيين، وصارت الكلمة كلمة محمد علي والرأي له إلى أن حدث خلاف بينه وبين الراجا فاستقال وأنشأ الصحف. وكان كاتبا قديرا باللغة الإنجليزية، فكتب المقالات الضافية في عدة صحف وأسس جريدة الرفيق «كومراد» فنالت من النجاح ما لم تنله جريدة قبلها.
وكانت غايته الشريفة بادية من خلال سطوره، وكان شعاره التوفيق بين طوائف الهندوس والحكومة والأهالي.
وقد صادف وقت جهاده وقت جهاد المرحوم مصطفى كامل، وكانت بينهما مكاتبات اطلعت على بعضها بينه وبين المرحوم مصطفى كامل في سنتي 1906 و1907، وكان يرسل مكاتيب التشجيع والمحبة إلى البطل المصري ولا سيما عقيب عودته من لندن بعد دفاعه المجيد في حادثة دنشواي، وكانت جريدة الكومراد ترد اللواء وتنقل عنها مقالات كثيرة في تلك الفترة.
مسلمو الهند بين الإنجليز والترك
وفي سنة 1906 ألفت الجامعة الإسلامية المذكورة في الهند، ويرجع الفضل في الشهرة التي نالتها الجامعة الإسلامية لصيانة مصالح المسلمين إلى همة المرحوم محمد علي وجهوده. كما أنه ساعد في إنشاء مسجد كونبور وأسس جمعية الهلال الأحمر لإعانة منكوبي حروب البلقان، وقام بأعمال كثيرة أخرى في الإصلاح مما جعله محبوبا ومعروفا في العالم الإسلامي بأسره. وكان دائبا على العمل في ترقية شئون المسلمين بعد أن أدرك بثاقب فكره أن طائفته كانت متلكئة في الرقي العصري، فمضى يعمل بلا كلال في سبيل إنهاضها وإذكاء نار الحماسة الوطنية في قلوب بنيها.
وعندما نشبت الحرب العظمى شعر مسلمو الهند بتنازع الولاء في نفوسهم ووقعوا بين عاملين: فكانوا من جهة يشعرون بأنهم مرتبطون بالخلافة في تركيا، ويشعرون من الجهة الأخرى بأن الواجب يقضي عليهم بأن يعترفوا بسيادة إنجلترا وإعانتها في الحرب والانضمام إلى صفها في مقاتلة دولة الإسلام الكبرى، وأخيرا اضطروا اضطرارا للانضمام إلى إنجلترا. ولكن الصحف الاستعمارية كالمورننج بوست والتيمس اندفعت في القذف في تركيا ووصف الأتراك بأنهم مطايا الألمان وخدمهم، فرأى محمد علي أن تلك الحملة لا تطاق وأنها ليست من الإنصاف في شيء فانبرى للمنتقدين بقلم من نار وأخذ يحرض المسلمين على عدم محاربة الأتراك جهارا، فصودرت جريدتا «الكومراد» و«هواداراه» واعتقل محمد علي نفسه في شهر مايو سنة 1915 لاعتباره خطرا على الأمن، ولم يستطيعوا أن يوجهوا إليه تهمة الخيانة أو المروق من الوطنية، وقد سار أخوه شوكت علي على خطته فاعتقلوه هو أيضا وقد بقيا في السجن من مايو سنة 1915 إلى عيد الميلاد سنة 1919، أي بعد الهدنة بعام وشهر.
ولما وضعت الحرب الكبرى أوزارها وظهر الحلفاء بمظهر عدم الوفاء بوعودهم، اشتد سخط المسلمين في الهند وعظم تبرمهم بالحالة وزادت نقمة محمد علي على الإنجليز، فاتفق هو والزعيم غاندي وشرع في نشر الدعوة للخلافة الإسلامية في طول البلاد وعرضها، وسافر في سنة 1920 إلى لندن من أجل النزاع الذي شجر في سبيل الخلافة، ولما رأى أن لا خير يرجى للإسلام من الإنجليز قفل راجعا وانضم إلى حزب غاندي، وطاف البلاد يدعو السكان إلى عدم المعاونة فاعتقلته السلطة الإنجليزية في سنة 1921 وبقي في السجن سنتين يقاسي أشد الآلام، لأن الحكومة في هذه المرة وجهت إليه تهمة تحريض الجيش الهندي على العصيان، وأخلي سبيله في سنة 1923. وكان اعتقاله هذه المرة أثناء سياحته مع المهاتما غاندي في نيزجاباتام في جنوب الهند وحوكم في كراتشي، وكانت لمحاكمته ضجة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الهند وكان أخوه معه في المحاكمة والحكم، ونحن ننوه بفضل شوكت أثناء إخلاصه.
ولم تكن المدة التي قضاها في السجن إلا لتزيده تمسكا بمبادئه الوطنية. وبعد خروجه من السجن اتخذت الحركة الوطنية شكل المجلس الوطني وخطت خطوة كبيرة في سبيل التقدم. وفي هذه الآونة طلب بعضهم إليه أن يرأس مجلس الأمة في دلهي، فأدرك بفطنته مبلغ التطور مدة اعتقاله فاجتنب خطأ العثور وقاد النهضة الوطنية بهمة وحكمة فسارت في سبيل النجاح، وفي العام التالي رأس مجلس الأمة الذي عقد في كوكندا للمرة الثانية وقبلت جميع الأحزاب خطابه وأجمع الكل على أن خطبته كانت من أبلغ الخطب وأشدها تأثيرا في شئون الهند السياسية. ومنذ ذلك اليوم بات محمد علي الصديق الحميم والحكيم المرشد لغاندي، وأعاد إصدار جريدتي «كومراد» و«هواداراه» في دلهي فكانتا شعلة الإيمان الوطني ومثال الحمية المتوقدة.
محمد علي بعد عودته إلى وطنه
Неизвестная страница