أحسست من لهجتها الرصينة أنها سوف تتكلم الآن عن النفقات.
قالت بواقعية وجدية: «لذا، لا بد أن تتجنبي المشاكل كما تعلمين، فجيري لا يستطيع الزواج، ولن أسمح بهذا. لقد رأيت حالات كثيرة كهذه يضطر فيها الشباب أن يضحوا بحياتهم لأن فتاة ما صارت حاملا، ولا أظن ذلك أمرا صائبا. كلانا رأى هذا، أنت تعرفين الحالات التي أقصدها في المدرسة. زواج إجباري على وجه السرعة لتجنب الفضائح، هذا هو الأسلوب في جوبيلي، لا أتفق مع هذا، ولم أتفق يوما مع هذا، لا أرى أنها مسئولية الفتى وأنه يجب أن يضحي بمستقبله المهني لأجل هذا، هل ترين هذا؟» «كلا.» «هذا ما اعتقدته، أنت فتاة شديدة الذكاء، هل تستخدمين عازلا لمنع الحمل؟» قالتها بسرعة خاطفة.
قلت وأنا أشعر بالخدر: «لا.» «حسنا، لماذا لا تشترين واحدا؟ فأنا أعرف كيف تسير أموركن هذه الأيام أيتها الفتيات الصغيرات، فقد غدت العذرية شيئا من الماضي، فليكن، لا أقول إنني أوافق أو لا أوافق لكن لا يمكن للمرء أن يعيد الزمن إلى الوراء، أليس كذلك؟ لا بد لأمك أن تجعلك تستخدمين العازل، هذا ما كنت سأفعله لو أن لي ابنة.»
كانت أقصر مني بكثير، فكانت امرأة ممتلئة الجسم ضئيلة وذكية، وشعرها خفيف ومنتفش أصفر اللون بلون زهور الخزامى تظهر جذوره التي تتحول إلى اللون الرمادي من أسفل. كانت دائما ما ترتدي أقراطا ودبابيس زينة وقلائد ساطعة بألوان متناسقة. كانت تدخن وتسمح لجيري بالتدخين في المنزل، بل إنهما كانا دائما ما يتجادلان بطريقة ودية كما يتجادل الأزواج حول سجائر من تلك. كنت قد هيأت نفسي لأجدها امرأة عصرية في أفكارها، ليست عصرية كأمي على المستوى الفكري - فمن مثل أمي؟ - لكن كنت أتوقع أن أجدها عصرية أكثر بكثير في الأمور العادية. لكنني لم أكن مهيأة لهذا. أخذت أتطلع إلى جذور شعرها التي تتحول إلى اللون الرمادي بينما كانت تتحدث عن أمي التي يجدر بها أن تصطحبني لأركب عازلا لمنع الحمل، وفكرت في أمي التي قد تنظم حملة إعلانية لتحديد النسل لكنها أبدا لن تفكر في أنها تحتاج لأن تتحدث معي؛ لأنها كانت مقتنعة تماما بأن الجنس هو أمر لا تخضع له أي امرأة - أي امرأة ذكية - ما لم تكن مضطرة لهذا. كان هذا الأسلوب يروق لي أكثر؛ فقد كان أليق بأسلوب أم أكثر من تقبل والدة جيري السخيف وأسلوبها العملي غير المحتشم. بل ولقد رأيته أمرا مهينا لأم أن تأتي على ذكر علاقات حميمة أمام فتاة من الممكن أن تكون تمارسها مع ابنها. بل إن مجرد فكرة العلاقة الحميمة مع جيري ستوري كانت مهينة في حد ذاتها، لكن هذا لا يعني أنها لم تحدث بين الحين والآخر.
لماذا مهينة؟ كان هذا أمرا غريبا. فكنت أنا وهو بمجرد أن ننتهي من مناقشاتنا تحيطنا هالة من الأسى. كانت أيدينا تتشابك معا وهي رطبة وكل منا يتساءل - ولا شك - إلى متى ستظل أيدينا متشابكة بلباقة محتشمة. كان جسدانا يتلامسان ليس دون قصد، ولكن دون أي استمتاع كما لو كانا جوالي رمل مبتلين. وكنا نفتح فمينا بالطريقة التي قرأنا وسمعنا عنها لكن نظل باردين ويظل لسانانا جافين، مجرد كتلتين من اللحم غير المحبوب. وما أن يوليني جيري انتباهه - هذا النوع من الانتباه - أستشيط غضبا ولا أدري لماذا، غير أنني أظل خاضعة بحزن؛ فكل منا كان المجال الوحيد للاستكشاف المتاح أمام الآخر.
وكان الفضول من شأنه أن يقود الأمور لأن تنجرف بعيدا جدا؛ ففي إحدى الأمسيات الشتوية كنا في الغرفة الأمامية في منزل والدته - وكانت هي خارج المنزل تحضر اجتماع منظمة النجم الشرقي - فطلب مني جيري أن أخلع كل ثيابي. «لماذا تريدني أن أفعل هذا؟» «ألا ترين أن هذا أمر تعليمي؟ فلم يسبق لي أن رأيت امرأة حية عارية من قبل.»
كان للفكرة جاذبيتها الخاصة؛ فكلمتا «امرأة عارية» أشعرتاني بسعادة خفية، وأشعرتاني بأنني ثرية أوزع الكنوز. كما أنني فكرت أن جسدي أجمل من وجهي، وأن جسدي وهو عار أجمل منه وهو مدثر بالملابس، وكنت دائما ما أريد أن أري جسدي العاري لأحد ما. وكان لدي أمل - أو على وجه الدقة فضول تجاه احتمالية - أنه يوما ما في مرحلة متقدمة من علاقتنا ستتغير مشاعري تجاه جيري وسوف أتمكن من أن أرحب بعلاقة حميمة معه. ألم أكن أعلم كل شيء عن الرغبة؟ كنت في الموقف القديم المبتذل الذي يحاول فيه شخص متزوج أن يفرغ رغبته المكبوتة في الجسد المتاح أمامه.
لكن لم أكن لأفعلها في الغرفة الأمامية، وبعد جدال وتباطؤ قال إننا يمكننا أن نصعد إلى غرفته. وبينما كنا نصعد درجات السلم خامرني شعور بالتوق كما لو كنا في السابعة أو الثامنة من عمرنا وفي طريقنا لمكان كي نخلع سراويلنا. وبينما كان جيري يرخي ستائر غرفته أوقع المصباح من فوق الطاولة، كدت أن أستدير وأهبط درجات السلم مرة أخرى. لا شيء يعيد الأمور إلى طبيعتها في تلك الأوقات سوى لحظة ارتباك إلا إذا كنت واقعا في الحب. لكني برغم هذا قررت أن أحافظ على روحي المرحة؛ فعاونته في رفع المصباح وتعديل غطائه المائل ولم أتضايق حتى عندما أوقده حتى يرى إذا ما كان قد تلف. ثم أوليته ظهري وخلعت كل ما علي من ملابس - دون أن يساعدني هو أو يلمسني مما أشعرني بالسعادة - ثم استلقيت على الفراش.
شعرت بالسخف والذهول.
وقف هو بجوار الفراش وأخذ ينظر إلي وهو يرسم على وجهه تعبيرات دهشة كوميدية باهتة. هل وجد جسدي غير متناسق وغير مدرك كما وجدت أنا جسده؟ هل أراد أن يحولني إلى فتاة هادئة الأعصاب ذات شهوة غير معقدة بالوعي الذاتي، فتاة دون إجابات ذكية ولا مفردات ضخمة أو أي اهتمام بفكرة نظام الكون، فتاة مهيئة لأن تحتويه وتهدهده في فراشه؟ ضحكنا نحن الاثنين، ومد هو إصبعه ليلمس إحدى حلمتي ثديي كما لو كان يختبر شوكة نتأت على جسدي.
Неизвестная страница