واسألوا الآنسة ماري قدسي معلمة الموسيقى بوزارة المعارف تحدثكم عن خبر الرافعي يوم جلس إليها وهي تعالج تلحين نشيده «بنت النيل»، ويوم جلست إليه تعزف له على البيانة لحنها لنشيد «اسلمي يا مصر»، وهو يسمعها بعينيه تتبعان أصابعها على المعزف وهو ينقر على الأرض بعصاه ورجليه وينفخ شدقيه، وفي أذنيه وقر ثقيل ...!
هذه النغمة التي كانت تتمثل للرافعي في سمعه الباطن وهو يعالج نشيدا من الأناشيد، كان لها أثرها الفني في عمله، وهي هي التي كانت تشعره أحيانا بالعجز عن أن يجد في موازين الشعر العربي النغمة التي كان يريدها في أناشيده كطبل الحرب، فلما هم أن يضع نشيد الطلبة:
مجدا مجدا مدرستي
مدرستي مجدا مجدا
عن علمي عن تربيتي
مدرستي حمدا حمدا
لم يجد له نغمة تلائمه فيما يعرف من بحور الشعر، فاخترع له هذا الميزان الذي يزنه به قارئه، وسماه «طبل الحرب»، ولكن صاحب «المقطم» أشار عليه أن يسميه «البحر المنفجر»، وتفعيلاته: «فعل، فعل، فو» مكررة في كل شطر، مع بعض علل في الميزان يمكن إدراكها بالموازنة بين الشعر وتفعيلاته. •••
هذا هو الرافعي شاعر الأناشيد، وهذا جهده وما بلغ، وقد كان على نية إصدار ديوان «أغاني الشعب» لولا أن عاجلته المنية، فلو أن أدباء العربية ذكروا يوما أن عليهم واجبا لإمام من أئمة الأدب العربي كان يعيش في هذا العصر فاجتمعوا على العناية بآثاره وإتمام رسالته الأدبية، لأخرجوا لقراء العربية ذخرا من الأدب والبيان الرفيع لا يقدر على إنشاء مثله جيل كامل من مثل أدباء هذا الزمان ...!
الرافعي العاشق
الحب عن الرافعي - هو وهي - شعر وفلسفة - وحب وكبرياء - هي وهو. تعقيب - رسائل الأحزان - السحاب الأحمر - أوراق الورد. *** (1) «إن المرأة للشاعر كحواء لآدم، هي وحدها تعطيه بحبها جديدا لم يكن فيه، وكل شرها أنها تتخطى به السموات نازلا ...» (2) «إن النابغة في الأدب لا يتم تمامه إلا إذا أحب وعشق ...» (3) «... إن ملكة الفلسفة في الشاعر من ملكة الحب، وإنما أولها وأصلها دخول المرأة في عالم الكلام بإبهامها وثرثرتها ...»
Неизвестная страница