وربما كتبت إلى الصحف بعض المقترحات لإصلاح الديوان بغير توقيع، وربما تحدثت بها في المجالس التي أختلف إليها، وكلها في بيئات الأدباء المدرسين بمدارس العباسية الأهلية حيث كنت أقيم ...
وكان الأستاذ حسين روحي الإيراني صاحب إحدى المدارس الكبيرة في العباسية البحرية، وكان يعمل في ساعات من اليوم بالترجمة في دار الوكالة البريطانية، فجاءني عصاري ذات يوم يقول معتذرا: أرجو أن تغتفر لي غلطة وقعت فيها بغير إذنك!
قلت: خيرا ... فما أظن أنني عرضة منك لغلطة تضير؟
قال: إنهم سألوني اليوم عن مقترحاتك في الصحف وأنا أترجمها لهم، فقلت: إنني أعرف كاتبها، وذكرت لهم أنني أراك في كثير من الأيام ... فهل يغضبك ما فعلت؟
قلت: إنني كما تعلم كنت مستعدا أن أكتب في الصحف بتوقيعي لو كنت أستطيع ذلك مرتين، دون أن يبادروني بالفصل من الوظيفة، فلا لوم عليك ولا حرج علي ...
قال: ليس هذا كل ما في المسألة ... فإن السكرتير الشرقي يريد أن يلقاك فهل لديك مانع؟
قلت: لا مانع لديه، فما المانع لدي؟
قالوا: لا يزال صغيرا
وبعد يومين لقيت مستر ستورز مع الأستاذ حسين روحي، فاستهل الحديث بالكلام على الأدب وعلى برنارد شو ... ثم استطرد إلى الكلام على الصحافة، وأكثر من الكلام على صحيفة «المؤيد» وقرائها ومحرريها، ثم مضى مستطردا إلى الكلام على الأوقاف، فسألني عن صفقة منوية على أرض يملكها عين مشهور من أعيان القليوبية، وعجبت لعلمه بخبرها وهي لا تزال في دور التحضير الأول، ولما تصل مذكرة من مذكراتها إلى قلم السكرتارية ...
ثم بدرت منه كلمة جافية لا أدري كيف جرى بها لسانه، إلا أن يكون قد تعود الجهر بأمثالها، ولم يتعود من أحد أن ينكرها عليه، فقال: ألا ترى أن حرمان الأوقاف من الرقابة الأجنبية هي علة هذه المفاسد التي شاعت فيها؟!
Неизвестная страница