Хаят Ибн Хальдун
حياة ابن خلدون ومثل من فلسفته الاجتماعية
Жанры
وقذفه ابن حجر بخلق الفظاظة وجفاء الطبع أيام كان قاضيا، وحكى عنه أنه كان يعزر الخصوم بالصفع - ويسميه الزج - فإذا غضب على إنسان قال: زجوه! فيصفع حتى تحمر رقبته. وتجاوز ابن حجر في التشنيع عليه حتى رماه بارتكاب ما لا يحل لنا الأدب الجميل إيراده في هذه المحاضرة، فإلى الله إيابهما، وعليه حسابهما. ومن قرأ ما كتبه ابن حجر في ترجمة ابن خلدون وجدها منسوجة على قصد الحط من شأنه، وكتم شيء من فضله، فلا يبعد أن يدخل في عبارته غلو، أو يتساهل في النقل عمن كان بينه وبين المترجم له منافسة وتحاسد. (28) مكانته في العلم
أنبتت المعاهد العلمية الإسلامية من فحول العلماء رجالا لا تحيط بهم أقلام الحاسبين، ولكن الرجال الذين يتسنمون في العلم الذروة القصوى، وتتفجر قرائحهم بمدارك فائقة فيخرجوها للناس في أسلوبها الحكيم ليسوا بكثير، ومن هذه الطائفة العزيزة المثال أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون.
كان بعيد الشأو في العلوم الشرعية والعربية، خبيرا بالعلوم النظرية، ضليعا في الفنون الأدبية، ويشهد له بالرسوخ في العلم الكتب التي درسها مثل تهذيب البرادعي في الفقه، ومختصري ابن الحاجب الأصلي والفرعي، وكتاب الموطأ وصحيح مسلم وغيرهما من الأمهات في علم الحديث، وكتاب التسهيل لابن مالك في النحو.
وأخذ العلوم العقلية والمنطق وسائر الفنون الحكمية والتعليمية عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي.
وحسبكم شاهدا على تقدمه في هذه العلوم النقلية والعقلية مقدمة تاريخه التي أمتع فيها البحث عن حقائق هذه العلوم وفلسفتها على طرز لا يبتكره إلا من مارسها على بينة من أمرها وتوغل في أحشائها.
وأضاف إلى ثقافة الفكر، والتبريز في الفهم قوة الحفظ؛ فكان يحفظ القرآن الكريم، والمعلقات، وديوان الحماسة، وشعر حبيب، وقطعة من شعر المتنبي، وسقط الزند، وطائفة من أشعار كتاب الأغاني، وغير ذلك من المنظومات العلمية. (29) ابن خلدون والحافظ ابن حجر
قصد الشيخ ابن حجر الحط من شأنه في العلم؛ فقال في «رفع الإصر»: وقد ذكره ابن الخطيب في تاريخ غرناطة، ولم يصفه بعلم، وإنما ذكر له تصانيف في الأدب، وشيئا من نظمه. وقد نقل صاحب نفح الطيب ترجمة ابن الخطيب لابن خلدون في كتاب الإحاطة، وهي تتضمن وصفه بالعلم؛ حيث قال: متقدم في فنون عقلية ونقلية متعدد المزايا، سديد البحث، كثير الحفظ، صحيح التصور.
وقال ابن حجر: وقد كان شيخنا الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر يبالغ في الغض منه، فلما سألته عن سبب ذلك، ذكر لي أنه بلغه أنه ذكر الحسين بن علي في تاريخه فقال: قتل بسيف جده. قال ابن حجر: ولم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن. وكأنه ذكرها في النسخة التي رجع عنها.
والعجب من الحافظ أبي الحسن حين يغض من مقام ابن خلدون؛ لبلاغ مزور عنه، ثم من الحافظ ابن حجر حين ينفي ذلك من تاريخه ويرجو أن يكون ذكره في النسخة التي رجع عنها. والحقيقة أن ابن خلدون أورد ذلك في الفصل الذي عقده في ولاية العهد من المقدمة عازيا له إلى القاضي أبي بكر بن العربي المالكي، ومتعقبا له بالرد، ونصه:
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه: إن الحسين قتل بشرع جده! وهو غلط حمله عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل، ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء؟!
Неизвестная страница