Хави ли Фатави
الحاوي للفتاوي
Издатель
دار الفكر
Номер издания
الأولى
Год публикации
1424 AH
Место издания
بيروت
وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَاطِئَةٌ - وَمَعْنَى لَاطِئَةٍ - أَيْ لَاصِقَةٍ بِالرَّأْسِ إِشَارَةً إِلَى قِصَرِهَا، وَإِنَّمَا حَدَثَتِ الْقَلَانِسُ الطِّوَالُ فِي أَيَّامِ الْخَلِيفَةِ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
وَكُنَّا نُرَجِّي مِنْ إِمَامٍ زِيَادَةً ... فَزَادَ الْإِمَامُ الْمُصْطَفَى فِي الْقَلَانِسِ
وَأَمَّا مِقْدَارُ الْعِمَامَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِي حَدِيثٍ، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ «عَنْ أبي عبد السلام قَالَ: (سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَعْتَمُّ؟ قَالَ: كَانَ يُدِيرُ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَغْرِزُهَا مِنْ وَرَائِهِ وَيُرْسِلُ لَهَا ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ)»، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عِدَّةُ أَذْرُعٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا الْفَرُّوجُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ ﷺ لَبِسَهُ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: («أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ»)، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْفَرُّوجُ هُوَ الْقِبَاءُ الْمُفَرَّجُ مِنْ خَلْفٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الْخُلَفَاءِ لَهُ، وَإِنَّمَا نَزَعَهُ ﷺ لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا، وَكَانَ لُبْسُهُ لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فَنَزَعَهُ لَمَّا حُرِّمَ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَعَهُ: أَنْهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ إِلَّا ثَوْبٌ فَغَسَلَهُ وَلَبِسَ ثَوْبًا قَصِيرَ الْكُمِّ وَخَرَجَ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَهَلْ فِي ذَلِكَ مِنْ عَيْبٍ أَوْ يَقْدَحُ فِي الدِّينِ؟ وَإِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَهَلْ هُوَ مُصِيبٌ فِي إِنْكَارِهِ أَوْ مُخْطِئٌ؟ .
الْجَوَابُ: لَيْسَ فِي هَذِهِ اللُّبْسَةِ مِنْ عَيْبٍ وَلَا تَقْدَحُ فِي الدِّينِ بَلِ التَّقَشُّفُ فِي الْمَلْبَسِ سُنَّةٌ حَضَّ عَلَيْهَا سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَهُوَ شِعَارُ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ، وَنَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْكُمِّ، فَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ كُمُّهُ إِلَى الرُّسْغِ» وَأَنَّهُ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ، وَقَالَ الشَّيْخُ عز الدين بن عبد السلام: تَطْوِيلُ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَإِسْرَافٌ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ: («مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الْجَنَّةِ شَاءَ يَلْبَسُهَا») وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ رُومِيَّةٌ مِنْ صُوفٍ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَصَلَّى بِنَا فِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهَا)»، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: («كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالطُّولِ»)، وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «ثَلَاثَةٌ
1 / 84