Хави аль-Кабир
كتاب الحاوى الكبير الماوردى
Исследователь
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
Место издания
بيروت - لبنان
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَوْ بِئْرٍ أَوْ سَمَاءٍ فَإِنَّمَا أَرَادَ مَاءَ بِئْرٍ أَوْ مَاءَ سَمَاءٍ فَحَذَفَ ذِكْرَ الْمَاءِ اكْتِفَاءً بِفَهْمِ السَّامِعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ﴾ [فاطر: ١٢] . يَعْنِي مَاءَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّا مَاءُ السَّمَاءِ فَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى جَوَازِ الطَّهَارَةِ بِهِ لِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] . وَأَمَّا مَاءُ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالنَّهْرِ فَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ﴾ [الزمر: ٢١] . يَعْنِي بِهَا مَاءَ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالنَّهْرِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بَرَدٍ أَوْ ثَلْجٍ فَيُرِيدُ بِهِ أَيْضًا مَاءَ بَرَدٍ أَوْ مَاءَ ثَلْجٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الطهارة به ما روي عنه ﵇ أَنَّهُ قَالَ: " اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ كما تطهر النوب مِنَ الدَّرَنِ " وَلِأَنَّهُ كَانَ مَاءً فَجَمُدَ، ثُمَّ صَارَ مَاءً حِينَ ذَابَ وَانْحَلَّ، فَأَمَّا إِذَا أُخِذَ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ فَدَلَكَ بِهِ أَعْضَاءَ طَهَارَتِهِ قَبْلَ ذَوَبَانِهِ وَانْحِلَالِهِ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِيهِ، وَإِطْلَاقُ مَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ إِمْرَارَهُ الثَّلْجَ عَلَى أَعْضَائِهِ يَكُونُ مَسْحًا يَصِلُ إِلَى الْعُضْوِ بِكُلِّ الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ فِي الْعُضْوِ الْمَسْحَ كَالرَّأْسِ أَجْزَأَهُ بِحُصُولِ الْمَسْحِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ الْغَسْلَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ حَدَّ الْغَسْلِ أَنْ يَجْرِيَ الْمَاءُ بِطَبْعِهِ، وَهَذَا مَسْحٌ، وَلَيْسَ بِغَسْلٍ وَمَسْحُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ غَيْرُ مُجْزِئٍ، فَلَوْ كَانَ فِي إِمْرَارِهِ عَلَى الْأَعْضَاءِ يَذُوبُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَجْرِي مَاؤُهُ عَلَيْهَا فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ لِحُصُولِ الْغَسْلِ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ بَعْدَ مُلَاقَاةِ الْأَعْضَاءِ صَارَ جَارِيًا.
فَصْلٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ " مُسَخَّنٍ وَغَيْرِ مُسَخَّنٍ فَسَوَاءٌ، وَالتَّطَهُّرُ بِهِ جَائِزٌ " فَإِنَّمَا قَصَدَ بِالْمُسَخَّنِ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ وَبَيْنَ الْحَامِي بِالشَّمْسِ فِي أَنَّ الْمُسَخَّنَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَالْمُشَمَّسَ مَكْرُوهٌ.
وَالثَّانِي: الرَّدُّ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَزَعَمُوا أَنَّ الْمُسَخَّنَ بِالنَّارِ مَكْرُوهٌ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ كَانَ يُسَخَّنُ لَهُ الْمَاءُ فَيَسْتَعْمِلُهُ وَالصَّحَابَةُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَا يُنْكِرُونَهُ، وَلِأَنَّ تَسْخِينَ الْمَاءِ بِمَنْزِلَةِ التَّبْرِيدِ يُرْفَعَانِ عَنْهُ تَارَةً وَيَحِلَّانِ فِيهِ أُخْرَى، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَبْرِيدُهُ مَانِعًا مِنَ اسْتِعْمَالِهِ لَمْ يَكُنْ تَسْخِينُهُ الدَّافِعَ لِرَدِّهِ مَانِعًا مِنَ اسْتِعْمَالِهِ، وَلَعَلَّ مُجَاهِدًا كَرِهَ مِنْهُ مَا اشْتَدَّ حَمَاهُ، فَلَمْ يُمْكِنِ اسْتِعْمَالُهُ، وذلك عندنا
1 / 41