52

Новая Ева

حواء الجديدة

Жанры

وبالرغم من استسلامه لهواه وحسن ظنه بي، وثقته بصلاحي كان ضميري يؤنبني حتى جسم في نفسي مظنة غشي لذلك الفتى الطيب القلب، ولم أعد أطيق السكوت على هذا الخداع.

وأخيرا قلت في نفسي: إني الآن امرأة صادقة الطوية صالحة القلب طاهرة النفس، والتي لا تشوبه ريبة في كوني هكذا، فإذا اعترفت له بزلة فاتت لم يعد يدري بها أحد بعد أن أبدلت اسمي وضللت معارفي عني، وأقنعته أنها زلة طيش في الحداثة، وقد كفرت عنها وتبت إلى الله، فلا بد أن يغتفرها، ويمتدح صدقي في شكوى نفسي إليه.

ففي ذات يوم غنمت فرصة ابتهاجه بمجلسي واغتباطه بحبي، وتصريحه بشدة ثقته بي وقلت له: يا فلان لي سر مكتوم إلا عن الله تعالى، فلا يليق بي أن يبقى مكتوما عنك وأنت ستكون أقرب الناس إلي، بل أصبحت أقربهم إلى نفسي، وليس لأحد سواك صلة بقلبي.

فاعتدل في مجلسه وسدد نظره إلي، وقال: ولا ريب أني أحرص الناس على سرك وأكتمهم له. - لا أشك في ذلك، وهذا ما يجرئني على أن أكشف لك سري، وأنا واثقة أنه مهما كان سرا مسيئا لا يدع أثرا سيئا في نفسك، إذ ليس فيه أذى لك.

فحملق بي كأنه يريد أن يتفهم الخبر عاجلا، وقال: ما هو؟

فقالت: أنت تعرف أني أرملة. - نعم. - وأنه كانت لي ابنة وماتت. - نعم كذا قلت لي. - لم أكذب عليك إلا في أمر واحد لا أريد أن تبقى جاهله؛ لئلا أكون خادعة لك، بل أريد أن أطلعك عليه حتى تكون على بينة من أمري، وأنا واثقة أنك لا تحاسبني ولا تدينني. - أرجو أن تختصري التوطئة وتأتي رأسا إلى السر؛ لأني أفهمك جيدا ومقتنع بحسن طويتك، فما هو الأمر. - إن أبا ابنتي لم يكن زوجي الشرعي.

فاختلج قليلا ولكن وجهه تورد ولم يخف علي اضطراب نفسه، وقال: كيف ذلك؟ - أشكر لك حلمك وما بدر إلى ظنك من أن لذلك سببا قاهرا، وتود أن تطلع على تفاصيل هذا السبب القاهر حتى ينجلي لك عذري. - يسرني جدا أن أقتنع بعذرك. - ويسرني جدا استعدادك لإعذاري متى ثبت لك أنه غدر بي، وأن طهارتي اقتنصت اقتناصا، فإليك حكايتي أرويها بالأمانة والصدق، من غير تحريف أو تمويه أو تضليل، وأرجو أن تثق بصدقها؛ لأني لو كنت أود أن أخدعك أو أكذب عليك في الرواية ما كنت أعترف لك بزلتي.

فأجاب وهو يكظم قلقه: إني لواثق في صدقك. - شكرا لك، وإنما أرجو منك ألا تسألني عن أسماء أشخاص حكايتي؛ لأنها حكاية مضت، وشخصيتي الأثيمة قد انقضت وأنا الآن غير تلك الآثمة التي لم يعد أحد يعرف عنها ما آل إليه أمرها، والناس لا يعرفونني الآن إلا كما تعرفني أنت، مرأة متصونة حريصة على عفافها وفضائلها، فلا أريد أن أكدر صفاء مودتنا بتذكار أشخاص تنوسي أمرهم، وجل بغيتي من قص حكايتي أن أعترف لك بزلتي حتى تغفرها لي، ولا أدخل في باب بيتك إلا شخصا ممحصا طاهرا. - إني ممتن لحسن قصدك.

وهنا رويت له الحكاية بالتفصيل كما رويتها لك يا موريس، ولم أتمالك نفسي عن البكاء وذرف الدموع حتى كان ذلك الفتى يشاركني فيهما متأثرا شديد التأثر، وأحيانا كان يستشيط ويسخط على ذلك الوغد حتى إنه لو كان يظفر به لأنشب أظفاره في عنقه وخنقه، وكان يتخلل تأثره هذا رثاؤه لي وإشفاقه علي.

وما فرغت من حكايتي حتى كان أشد الناس تألما من ظلم الهيئة الاجتماعية لي، وقد ثبت لي من تأثره وكلامه أنه لم يرتب بصدق كلمة من حكايتي، وأخيرا جعل يطيب خاطري ويواسيني، ويرجو مني أن أنسى ذلك الماضي وأعتبره كأنه لم يكن.

Неизвестная страница