ثم روي عن ابن المبارك أنه سئل عن تفسير هذا الحديث، فقال: "ليس هذا الذي تظنون؛ إنما طلب العلم فريضة أن يقع الرجل في شيء من أمر دينه يسأل عنه حتى يعلمه"، وقال البيضاوي: "المراد من العلم هنا ما لا مندوحة للعبد عن تعلمه، كمعرفة الصانع، والعلم بوحدانيته ونبوة رسوله، وكيفية الصلاة، فإن تعلمه فرض عين، إلى أن قال: قال الشيخ أبو حفص السهروردي: اختلف في العلم الذي هو فريضة، قيل: هو علم الإخلاص، ومعرفة آفات النفوس، وما يفسد الأعمال؛ لأن الإخلاص مأمور به، كما أن العمل مأمور به، وخدع النفس وغرورها وشهواتها تخرب مباني الإخلاص المأمور به، فصار علم ذلك فرضا، وقيل: معرفة الخواطر وتفصيلها؛ لأن الخواطر منشأ الفعل، وبذلك يعرف الفرق بين لمة الملك ولمة الشيطان، وقيل: هو طلب علم الحلال حيث كان أكل الحلال فريضة، وقيل هو البيع والشراء والنكاح والطلاق إذا أراد الدخول في شيء من ذلك يجب عليه طلب علمه، وقيل: هو علم الفرائض الخمس التي بني الإسلام عليها، وقيل: هو طلب علم التوحيد بالنظر والاستدلال أو النقل، وقيل: هو طلب علم الباطن وما يزداد به العبد يقينا، وهو الذي يكتب بصحبة الصالحين والزهاد والمقربين، فهم وراث علم النبي صلوات الله وسلامه عليه" انتهى.
قوله: «قال الربيع: الأجنحة بدل الأيدي في باب الدعاء». اقتصر رحمه الله في معنى وضع الأجنحة على هذا الوجه، وكأنه هو الذي صح عنده، وإلا فهو محتمل لغير ذلك أيضا. قال العلقمي: "وذكر أبو سليمان الخطابي في معنى وضع أجنحة الملائكة ثلاثة أقوال: أحدها بسط الأجنحة، والثاني أن المراد به التواضع <1/33> للطالب أي تعظيما لحقه، والثالث النزول عند مجالس العلم وترك الطيران، كقوله صلى الله عليه وسلم "ما من قوم يذكرون الله تعالى إلا حفت بهم الملائكة" انتهى.
Страница 31