إذا لم نقل بالأول إلى البيع بعد التلف، لعدم كونها بيعا، لا لجوازها، وأما بناء عليه، فحالها حال بيع الصرف والسلم قبل القبض، ومجرد الجواز، بمعنى التراد، أو الرد قبل التصرف، والتلف، لا يمنع عن تعلق حق الخيار، مع أن الجواز الفسخ بخيار، لا يمنع عن تعلق خيار آخر.
ومن هنا ظهر أن ثبوت الخيار فيها مطلقا، بناء على إفادتها الملك، أظهر، لا لصيرورتها بيعا بعد اللزوم، كما علل به، بل لكونها فعلا بيعا عرفا، وشرعا، والخيار موجود من زمن المعاطاة، وأثره يظهر من حين ثبوته، لصحة اسقاطه، والمصالحة عليه قبل اللزوم، فلا وجه لما افاده من ظهور أثره بعده، كما لا وجه، لما ذكره من احتمال التفصيل، إذ دعوى اختصاص أدلة الخيار في البيع، بما وضع على اللزوم، مجازفة، كما لا يخفى على من لاحظها.
قوله (ره): (الأمر الثاني: إن المتيقن من مورد المعاطاة - الخ -).
قد عرفت في بعض الحواشى السابقة، أن لفظ المعاطاة ليس مما ورد في آية، والرواية، ولا في معقد الاجماع، بل من المعلوم أنه عبر بها، عن المعاملة، المتعارفة، المتداولة، فالمدار في ترتيب الأحكام والآثار، على ما هو المتعارف، وإن لم يصدق عليه معنى المعاطاة، بل معنى الاعطاء، بل ولو لم يصدق عليه بناء على حصول التمليك، وتحقق المعاملة بالمقاولة، ويكون الاعطاء من طرف أو طرفين، من باب الوفاء بها، لا احداثا، أو تتميما لها، على ما احتملناه، فالعمدة تحقيق ذلك، وعليك بالتحقيق.
قوله (ره): (الثالث: تميز البايع من المشتري - الخ -).
لا يخفى، أنه ليس هذا من تنبيهات المعاطاة، لعدم اختصاصه بها، وأن المنشئ للتمليك بالعوض، بايع، ومنشئ التملك به، مشتري، من غير فرق فيما قصدا به، بين اللقط، والفعل، فلو لم يقصد كل واحد منهما، إلا ما قصد الآخر، فهما بايعان، أو مشتريان كذلك، أي من غير فرق بينهما، فلا فرق فيما هو المميز لكل منهما عن الآخر، مفهوما بينهما.
نعم بينهما فرق في التميز خارجا، وهو أنه غالبا يكون في البيع بالصيغة، ما يدل بظاهره على أن أيهما بايع، وأيهما مشتري، بخلاف الفعل،
Страница 17