417

Хашия на Тафсир Байдави

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Жанры

إلا أنها مشتملة على جنان كثيرة فجمعت لاشتمالها عليها، وأما تنكيرها فليدل على تنوعها، فإنها أنواع مختلفة بحسب اختلاف استحقاق العاملين واختلاف أنواع أعمالهم وهممهم ودرجات أعمالهم وعلومهم واختلافهم، كأنه قيل لهم: جنات شتى مختلفة بحسب اختلاف أعمالهم ومراتبها. ويجوز أن يكون تنكير الجنات للتعظيم أي جنات لا يكتنه وصفها. قوله:

(واللام في لهم تدل على استحقاقهم إياها) يعني أن اللام في قوله تعالى: أن لهم هي لام الاختصاص والاستحقاق ودخولها على الضمير الراجع إلى الموصوفين بوصفي الإيمان والعمل الصالح يفيد ترتب الاستحقاق المذكور على الاتصاف بهما، فيشعر بعلية ذينك الوصفين لذلك الاستحقاق بناء على ما اشتهر من أن ترتب الحكم على الوصف يشعر بعليته له. فهذا وجه دلالة اللام على استحقاقهم إياها لأجل الإيمان والعمل الصالح اللذين ترتب الاستحقاق عليهما، فثبت بهذا أن الآية المذكورة دليل على أن الإيمان والعمل الصالح علة لاستحقاق من اتصف بهما الجنات الموصوفة. إلا أن المعتزلة زعموا أن عليه الإيمان والعمل الصالح الاستحقاق المذكور لذاتهما على أن معنى أنهما يقتضيان لذاتهما أن يثاب من اتصف بهما بثواب الجنات المذكورة. ورده المصنف بقوله: «وليس عليه الإيمان والعمل الصالح لذلك الاستحقاق لذاتهما» بل هي بجعل الشارع ومقتضى وعده لأن المؤمن العامل لا يستحق لأجل عمله شيئا يكون عوضا لعمله السابق لأن المنعم عليه يجب عليه شكر ما أنعم به عليه من النعم السابقة مما أنعم به عليه، فما أتى به من الطاعات يكون شكرا لما منحه من النعم السابقة فهو كأجير أخذ أجرته قبل العمل، وما أتى به من العمل لا يكافىء النعم السابقة فضلا عن أن يستحق به فيما يستقبل ثوابا زائدا على ما أنعم به عليه سابقا. وما يعطى له في دار الجزاء إنما يعطى له من محض فضل الله تعالى وإحسانه إنجازا لما وعده للشاكرين على ما أتوا به من الطاعات في الدنيا زيادة على ما منحوه من أنواع النعم السابقة، فإنه تعالى وعد الشاكرين على ما منحوه من النعم السابقة أن يزيد لهم في الآخر من ثواب الجنات بمحض فضله وإحسانه كما قال عز من قائل: لئن شكرتم لأزيدنكم [إبراهيم: 7] وضمير «إياها» عائد إلى جنات وضمير «ترتبه» إلى استحقاقهم وضمير قوله: «عليه ولذاته» راجعان إلى كلمة «ما» وكذا الضمير المنصوب في قوله: «فإنه» راجع أيضا إلى «ما». قوله: (لا لذاته) عطف على قوله: «لأجل ما ترتب عليه» وقوله: «ولا على الإطلاق» عطف على قوله: «لا لذاته» يعني أنهما وإن كانا سببين للاستحقاق إلا أنهما ليسا سببين له على جميع التقادير حتى على تقدير ارتداده عن دينه وموته كافرا، فإنه لا نزاع في أنه يحبط العمل بالكفر والموت عليه.

ولما ورد أن يقال: استحاق الثواب إذا كان مقيدا ومشروطا بالاستمرار عليهما فلم أطلقه الله

Страница 423