Хашия на Тафсир Байдави
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Жанры
يشهدون لكم بأن ما أتيتم به مثله ولا تستشهدوا بالله فإنه من ديدن المبهوت العاجز عن إقامة الحجة، أو بشهدائكم. والمعنى ادعوا الذين اتخذتموهم من دونه أولياء أو آلهة يشهدون لكم بأن ما أتيتم به مثله) أي والمعنى هذا فقوله تعالى: من دون الله حال من فاعل ادعوا والشهداء من الشهيد بمعنى القائم بالشهادة لا بمعنى الحاضر والناصر. قال الشريف المحقق في تقرير هذا الوجه: أي ادعوا شهداءكم من الناس فصححوا بهم دعواكم متجاوزين الله في الدعاء، أي لا تدعوه ولا تستشهدوا به أي لا تقتصروا على أن تقولوا الله يشهد بأنا صادقون فيما ادعينا كما يقول العاجز عن إقامة البينة. فإن الدعاوى تثبت عند الحاكم بشهادة الناس عليها لا بأن يقال الله شهيد على ما ادعيه حق فإنه ديدن العاجز عن إقامة الحجة على دعواه أي عادته، والأمر حينئذ لبيان عجزهم عن الإتيان المذكور بإظهار امتناع وجود من يشهد بأن ما أتوا به مثل للقرآن وأنهم ليس لهم مثبت في تصحيح دعواهم سوى الاستشهاد بالله تعالى. وكلمة «من» في هذا الوجه أيضا ابتدائية أي ادعوهم للاستشهاد بهم دعاء مبتدأ من التجاوز من دعاء الله تعالى للشهادة. قوله: (أو بشهدائكم) عطف على «ادعوا» في قوله: «ومن متعلقة بادعوا » وذكر على تقدير تعلقها بقوله: «شهداءكم» وجهين:
أشار إلى الأول بقوله: «أي ادعوا شهداءكم الذين اتخذتموهم من دون الله أولياء وآلهة» وإلى الثاني بقوله: «أو الذين يشهدون لكم بين يدي الله على زعمكم». والشهداء في هذين الوجهين بمعنى القائمين بالشهادة والمراد بهم الأصنام، وبالدعاء الدعاء للاستعانة بها لا لإقامة الشهادة والأمر بالدعاء فيهما للتهكم بهم حيث أمروا بأن يستظهروا أي بأن يستعينوا بالجمادات في معارضة القرآن الذي أخرس بفصاحته كل منطيق. وإنما عبر عن الأصنام بالشهاداء ترشيحا لمعنى التهكم بذكر ما اعتقدوه من أنها من الله تعالى بمكان وأنها تنفعهم شهادتها لهم بأنهم على الحق، كأنه قيل: هي ملاذكم وأعزتكم فادعوها لهذه العظيمة التي دهشتكم. والفرق بين الوجهين أن «دون» على الوجه الثاني مستعمل بمعنى: قدام الشيء وبين يديه مستعار من معناه الحقيقي الذي يناسبه أعني أدنى مكان من الشيء وهو ظرف لغو معمول «لشهداء» لأن الظرف يكفيه رايحة الفعل في عامله فلا حاجة إلى اعتماد أي ادعوا الذين يشهدون لكم بين يدي الله تعالى. وكلمة «من» ههنا تبعيضية لأنك إذا قلت: اجلس بين يديه أو خلفه كان معناه اجلس في جهة أمامه أو جهة خلفه لأنهما ظرفان للفعل، وإن قلت: اجلس من بين يديه أو من خلفه كانت كلمة «من» تبعيضية لأن الفعل يقع في بعض الجهتين كما تقول: جئته من الليل. وقال النحرير التفتازاني نور الله مرقده: كلمة «من» الداخلة على «دون» في جميع مواضعها بمعنى «في» كما في سائر الظروف الغير المنصرفة وهي التي تكون منصوبة على الظرفية أبدا ولا تنجر إلا بمن خاصة وعلى الوجه الأول تكون
Страница 400