بناء على أن الغرض الأصلي فيه الدلالة على المعنى المتعلق بها، واعتبار الذات المبهمة إنما هو لضرورة أن المعنى لا يقوم بذاته بخلاف نحو الإمام فإن المقصود فيه الدلالة على الذات المتعينة بما تعلق بها من المعنى، والمراد بالذات ههنا ما هو المستقل بالمفهومية سواء كان قائما بنفسه كالفرس أو بغيره كالعلم، وبالمعنى ما لا يكون كذلك لاشتماله على نسبة ما، وبالذات المعينة ما اعتبر فيها تعين ما شخصيا كان أو نوعيا أو جنسيا وبالمبهمة خلافها. والاسم جنس تحته أنواع ثلاثة: أسماء الأعلام وأسماء الأجناس والأسماء المشتقة لأنه إما أن يكون نفس تصور معناه مانعا من الشركة أو لا يكون والأول هو العلم، والثاني إما أن يكون المفهوم منه نفس الماهية من حيث هي أو بشيء ما موصوفا بالصفة الفلانية، والأول اسم الجنس والثاني الاسم المشتق ويقال له الصفة وهي ما دل على ذات مبهمة باعتبار بعض معانيه وأوصافه. وإذا تقرر هذا فاعلم أن المصنف تعرض ههنا لأقوال أربعة في لفظ الجلالة: الأول أنه اسم عربي مشتق صار علما بالغلبة إلخ للمعبود بحق لا يطلق على غيره وكذلك الإله قبل نقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وحذفها ثم إسكان اللام المذكورة وإدغامها في اللام الثانية، فإنه أيضا لا يطلق إلا على المعبود بحق بخلاف إله المجرد عن حرف التعريف فإنه يطلق على المعبود بحق وعلى غيره. قال تعالى:
ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به [المؤمنون: 117] وقال: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [الأنبياء: 22] والمصنف ذكر هذا القول بقوله: «والله أصله إله» إلى قوله: «وقيل علم لذاته المخصوصة» فإنه معطوف على قوله: «والله أصله إله» فكأنه قيل. وقيل لا أصل له ولا اشتقاق بل هو اسم موضوع ابتداء للدلالة على ذاته المخصوصة وهذا القول هو القول الثاني مما ذكره المصنف من الأقوال الأربعة. وقد ذهب إليه الخليل والزجاج واختاره الإمام ونسبه إلى سيبويه والأصوليين والفقهاء، وقدماء الفلاسفة أنكروا أن يكون لله تعالى بحسب ذاته المخصوصة اسم على أن المراد من وضع الاسم أن يشار بذكره إلى المسمى فلو كان لله تعالى بحسب ذاته المخصوصة اسم لكان المراد من وضع ذلك الاسم أن يذكر عند أحد لتعريف ذلك المسمى له وانتقال ذهنه إليه وقد ثبت أن أحدا من خلقه لا يعرف ذاته المخصوصة ألبتة فكيف يشار بذكر اسمه مع أنه من خلقه ليس معقولا للبشر؟ وإذا لم يصح أن يشار إليه بذكر اسمه لم يبق في وضع الاسم لذاته المخصوصة فائدة، فهم ينكرون كون لفظ الجلالة علما موضوعا لذاته المخصوصة ويقولون: إن جميع أسمائه تعالى
Страница 45