Хашия на Тафсир Байдави
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Жанры
شبهت بالترجي من حيث إن متعلق كل واحد منهما يتردد أمره بين أن يفعل وأن لا يفعل مع رجحان ما لجانب الفعل. فإنه تعالى لما وضع في أيديهم زمام الاختيار وأراد منهم الطاعة والتقوى ونصب لهم أدلة عقلية ونقلية داعية إليهما وعطف بما يحملهم عليهما وأوعد على تركهما والمساهلة في حقهما بحيث لم يبق للمكلف عذر في عدم الاهتمام بشأنهما والتقصير في حقهما صار حاله في رجحان اختياره للطاعة مع تمكنه من المعصية كحال المرتجي منه في رجحان اختياره كما يرتجى منه مع تمكنه من خلافه، فصار إرادة الطاعة والتقوى منه تعالى بمنزلة الترجي الواقع ممن لا يعلم العواقب فيما ذكرنا فاستعمل فيها كلمة «لعل» الموضوعة للترجي على طريق استعمال لفظ المشبه به في المشبه فهي استعارة تبعية حرفية.
فإن الاستعارة الأصلية لا تتصور في الحروف من حيث إنها آلة لتعرف حال الغير الذي هو متعلق المعنى الحرفي كمدلول كلمة «من» في قولك: سرت من البصرة فإنها موضوعة وضعا عاما للابتداء المخصوص الملحوظ من حيث إنه حالة قائمة بالشيئين متعلقة بهما وهما فيما نحن فيه السير والبصرة فلا يتصور جعله مشبها أو مشبه به وموصوفا بوجه الشبه من هذه الحيثية لأن كل واحد من دينك إنما يتصور فيما هو ملحوظ قصدا وبالذات، وإنما يتصور التشبيه فيما يتعلق به معنى الحرف والمراد بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر به عن تلك المعاني عند تفسيرها كما في قولنا: «من» معناها ابتداء الغاية و «في» معناها الظرفية و «لعل» معناها الترجي. وتلك المتعلقات ليست معاني الحروف لكونها معاني مستقلة المفهومية فلا تصلح لأن تكون معاني للحروف بل هي معان مطلقة إذا أفادت الحروف معانيها المخصوصة تفهم تلك المعاني في ضمنها إفهام المطلق عند ملاحظة المفيد، فالتشبيه إنما يتصور فيها ثم يسري إلى المعاني الحرفية تبعا لاشتمالها عليها فلذلك قلنا إن الإرادة شبهت بالترجي المطلق ثم استعمل فيها «لعل» استعارة تبعية، ثم إن تشبيه إرادة الله تعالى بالترجي يتضمن تشبيه ذاته تعالى بالراجي وتشبيه المكلفين بالمرجو منهم. وأما المصنف فقد جوز أن تكون كلمة «لعل» مستعملة في معنى الترجي وجعلها أولا متعلقة ب «اعبدوا» حالا من الضمير فيه، واعترض عليه المحقق التفتازاني حيث قال: فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون «لعل» على أصل الترجي متعلقا ب «اعبدوا» أي اعبدوه راجين أن تصلوا إلى أقصى غايات العبادة؟ قلنا: لأنه لا وجه لتعلقه بالأبعد دون الأقرب وتوسيطه بين العصا ولحائها، فإن الذي جعل لكم الأرض فراشا موصول «بربكم» صفة أو مدحا منصوبا أو مرفوعا فيكون بمنزلة أن يقول: اعبد ربك الخالق راجيا منه التقوى الرازق بتوسيط الحال من فاعل «اعبد» بين وصفي المفعول على أن تقييد العبادة بترجي التقوى ليس له كثير معنى، وإنما المناسب تقييدها بالتقوى واقترانها، أو برجاء
Страница 372