Хашия на Тафсир Байдави
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Жанры
فإنه وإن كان من المحدثين لكنه من علماء العربية فلا يبعد أن يجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه. وإنما قال مع الإضاءة كلما ومع الإظلام إذا لأنهم حراص على المشي فكلما صادفوا منه فرصة انتهزوها ولا كذلك التوقف. ومعنى قاموا وقفوا ومنه قامت السوق إذا ركدت وقام الماء إذا جمد.
مجنبا عما تشتهيه نفسه ويميل إلى طبعه وبعد ما استكمل وتأدب وصار العمل بمقتضى العقل خلقا له وملكة كالأمر الجبلي حصل له سعة البال وانكشاف ظلمة الأحوال فلذلك قال: «هما أظلما حالي ثمة أجليا» أي كشفا ظلاميهما عني. «وثمة» حرف عطف لحقتها التاء وقوله:
«عن وجه أمرد أشيب» من قبيل التجريد حيث نزع وجرد من نفسه شخصا أمرد في السن وأشيب في تجربة الأمور وسداد الرأي. والمعنى أجليا ظلاميهما عن وجهي وأنا شاب بحسب السن وشيخ أشيب في كمال العقل ووفور المعرفة. قوله: (فإنه وإن كان من المحدثين) ذكروا في الحواشي الشريفية: أن الشعراء على أربع طبقات: الجاهليون وهم الذين لم يدركوا عصر الإسلام فضلا عن أن يسلموا كامرىء القيس وزهير وطرفة، ومخضرمون وهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام فأسلموا كحسان ولبيد، والمتقدمون من أهل الإسلام كالفرزدق وجرير وذي الرمة وهؤلاء كلهم يستشهد بكلامهم في اللغة وأشعارهم، والمحدثون من أهل الإسلام وهم الذين نشاؤوا بعد الصدر الأول من المسلمين كأبي تمام وأبي الطيب والبحتري ولا يستشهد بشعرهم إلا أن يجعل ما يقولونه بمنزلة ما يروونه. ولذلك قال المصنف في حق أبي تمام «لكنه من علماء العربية فلا يبعد أن يجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه وإنما قال: لا يبعد إشارة إلى ضعف الجعل المذكور. قوله: (انتهزوها) أي اغتنموها يقال: انتهز فلان الفرصة أي اغتنمها وقاربها والفرصة النوبة. والحاصل أن «كلما» تدل على تكرر الفعل عند تكرر الشرط أبدا وإذ لا تدل عليه. والقوم لما كانوا متحيرين في الظلمات مدهوشين بسببها وكانت جل هممهم مصروفة إلى الخلاص منها كانوا حراصا على المشي والهرب رجاء أن يتخلصوا من تلك الحيرة والدهشة العظيمة فلذلك قيل مع الإضاءة «كلما» حتى يدل على أنهم يعدون فرصة إمكان المشي وتأتيه غنيمة فلا يضيعونها بخلاف التوقف والثبات فإنهم ليسوا حراصا عليه بل هم واقفون اضطرارا لعدم تأتي المشي.
فلذلك قيل مع الإظلام «إذ» المجرد بيان أنهم يقفون وقت الإظلام من غير أن يتعرض لكون الوقوف مهما عندهم بحيث يتكرر ذلك منهم كلما تكرر ما يؤدي إليه. قوله: (ومعنى قاموا وقفوا) بقرينة وقوعه في مقابلة «مشوا». ومن هذا القبيل: قامت السوق إذا ركدت أي سكنت وكسدت. وقد مر في يقيمون الصلاة استعماله بمعنى نفقت وراجت مأخوذا من القيام بمعنى الانتصاب فهو من الأضداد.
Страница 346