131

Война и мир

الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة

Жанры

الاستعداد للعرض

في تشرين الأول عام 1805 كانت القطعات الروسية تشغل عددا من قرى ومدن الأرشيدوقية النمساوية، وكانت قوات روسية أخرى تصل باستمرار، وتتمركز قرب حصن برونو

Bronnau

محدثة أضرارا كثيرة للسكان، وكان ذلك الحصن مركز القائد الأعلى كوتوزوف.

كانت إحدى سرايا الجيش مستقرة على بعد ربع ميل من المدينة، تنتظر قدوم الجنرال القائد الأعلى في اليوم الحادي عشر من تشرين الأول، وكانت تلك السرية - رغم المشهد الطبيعي الغريب الذي يحيط بها من البساتين والأسوار الحجرية وسقوف القرميد، والجبال الرابضة على البعد، ورغم طبيعة السكان التي لا تقل غرابة عن المشهد الطبيعي، الذين كانوا ينظرون بفضول إلى هؤلاء الجنود - تحمل الطابع التي تتسم به كل فرقة روسية على أرض الوطن عندما تنتظر تفتيش قائدها الأعلى.

أبلغ ضباط السرية مساء اليوم الأسبق، أن الجنرال القائد الأعلى سيحضر لتفتيش الفرقة المحاربة عندما تصل إلى آخر مرحلة من برنامج سيرها المحدد، وعلى الرغم من أن منطوق الأمر اليومي الذي صدر إلى قيادة الفرقة كان قليل الوضوح، حتى إن قائد الفرقة تساءل عما إذا كان ينبغي للجنود أن يكونوا في ثياب الميدان، أم في ثياب الاحتفالات، فإن مجلس ضباط الكتائب قرر أن يكون الجنود في ثياب الحفلات على اعتبار أن هذا التصرف لا غبار عليه، وأن استعمال تلك الثياب في الغالب في مثل هذه المناسبات خير من إغفاله.

وعلى هذا، فقد مضت الليلة دون أن يغمض جفن في المعسكر، رغم أن الجنود كانوا قد أنهوا رحلة طولها ثمانية أميال، كان الجنود يلمعون تجهيزاتهم، ويعنون بزيهم العسكري، والرؤساء ومساعدو القيادة يحصون الرجال، ويوزعونهم على مراكزهم، حتى إنهم كانوا في الصباح الباكر، قد جهزوا تلك الفرقة التي كان قوامها ألفي رجل، على شكل دقيق منظم، فكان كل جندي يعرف المكان الذي سيحتله والعمل الذي سيقوم به ، وكانت كل التجهيزات نظيفة لامعة، وكل الأزرار في أماكنها على الكسوات العسكرية، ولم يعن الضباط بمظهر رجالهم الخارجي فحسب، فلو أن القائد الأعلى فكر في النظر إلى الألبسة الداخلية، لوجد أن كل جندي كان يرتدي قميصا داخليا نظيفا، ولتأكد أن في كيس كل منهم الأشياء النظامية بعددها النظامي، غير أن هناك أمرا واحدا كان يشغل بال الضباط والجنود معا؛ ذلك أن أحذية الجنود كانت ممزقة بالية، وكان النصف الأكبر منهم لا يملك أحذية إلا «البقايا» التي ظلت في أقدامهم، ولم تكن الخطيئة في ذلك ترجع إلى آمر السرية، بل كان الخطأ يقع على كاهل مصلحة الإعاشة النمساوية «مهمات الجيش»، التي رغم المطالبات المتكررة والملحة، لم تقدم شيئا إلى الجنود الذين كانوا قد قطعوا أكثر من مائة وخمسين فرسخا قبل أن يصلوا إلى ختام المطاف.

كان قائد الفرقة جنرالا

1

ذا حاجبين وسالفين تطرق إليهما المشيب، وكان عريض الصدر، ضيق الكتفين، منكمش الجسد، كان لباسه الرسمي جديدا يحمل ثنيات ضخمة «وكتافتين» مذهبتين، كانتا تساهمان في إظهار كتفيه منتصبتين مرتفعتين، وكان ظهره على شيء من الانحناء، وفي خطوته بعض التراخي، كان يتنزه أمام جبهة الفرق، وكأنه سيد أتم لتوه أجل عمل قام به في حياته، كان يبدو فخورا مظفرا لقيادته فرقة تفانى من أجلها قلبا وروحا، غير أن مشيته المترددة، كانت تعطي أيضا فكرة أخرى تدل على تمسكه بنعيم الحياة وإغراء الجنس اللطيف.

Неизвестная страница