Лекции о реформационных движениях и культурных центрах в современном исламском Востоке
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
Жанры
فهو يقول - مثلا - في المستدرك على مادة «كنت»: «ومما يستدرك عليه: كجرات اسم ناحية متسعة بأرض الهند، وتعرف بنهروالته وبأحمد أباد»، وقال في المستدرك على «عرث»: «العرطنيثا أصل شجرة يقال لها: بخور مريم، يغسل به الثياب، وهو رومي ... وهو المعروف بالركفة في مصر»، وقال في المستدرك على حجب: «والمحجب كمعظم: لقب جماعة، منهم شيخنا الصالح الصوفي، صفي الدين أحمد بن عبد الرحمن المخاثي، اشتغل بالحديث وأجازنا»، وقال في المستدرك على «بانب»: ومما يستدرك عليه: بانوب قرية من قرى مصر من إقليم الغربية، ذكرها ابن الجيعان في كتاب القوانين، والذي في المعجم لياقوت أن بانوب اسم لثلاثة قرى بمصر؛ في الشرقية، والغربية، والأشمونين» ... إلخ.
وأتم الرجل هذا العمل العلمي الضخم الذي تنوء به العصبة أولو القوة من العلماء؛ فإن عملا كهذا تقوم به في عصرنا لجان ولجان، تقضي في إنجازه سنوات وسنوات، ولكن الزبيدي قام به وحده، وأنجزه في أربعة عشر عاما، نص على هذا في مقدمة التاج، قال: «وكان مدة إملائي في هذا الكتاب من الأعوام 14 سنة وأيام، مع شواغل الدهر وتفاقم الكروب بلا انفصام، وكان آخر ذلك في نهار الخميس بين الصلاتين، ثاني شهر رجب سنة 1188ه بمنزلي في عطفة الغسال بخط سويقة المظفر بمصر.»
وأفعمت نفس الزبيدي بالفرح أن وفقه الله لإتمام هذا الشرح، وسماه «تاج العروس من جواهر القاموس»، وأراد أن يشاركه غيره من العلماء هذه الفرحة، فاستن سنة طيبة، وأولم وليمة حافلة في منزله، جمع فيها طلاب العلم وأشياخ الوقت وأطلعهم عليه؛ يقول الجبرتي - وكان حاضرا هذا الحفل: «فاغتبطوا به وشهدوا بفضله وسعة اطلاعه ورسوخه في علم اللغة، وكتبوا عليه تقاريظهم نثرا ونظما.»
ثم ذكر أسماء العلماء الذين قرظوه، وهم صفوة العلماء في مصر في ذلك الوقت؛ فمنهم «شيخ الكل في عصره الشيخ علي الصعيدي»، ومنهم أستاذه السيد عبد الرحمن العيدروس، ومنهم الشيخ أحمد الدردير، والشيخ محمد الأمير، والشيخ حسن الجداوي، والشيخ أحمد البيلي، والشيخ عطية الأجهوري، والشيخ عيسى البراوي، والشيخ محمد الزيات، والشيخ محمد عبادة، والشيخ محمد العوفي، والشيخ حسن الهواري، والشيخ أبو الأنوار السادات، والشيخ علي القناوي، والشيخ علي خرائط، والشيخ عبد القادر بن خليل المدني، والشيخ محمد المكي، والسيد علي المقدسي، والشيخ عبد الرحمن مفتي جرجا، والشيخ علي الشاوري، والشيخ محمد الخربتاوي، والشيخ عبد الرحمن المقري، وكان آخرهم عالما من علماء العراق هو الشيخ محمد سعيد البغدادي السويدي، وقد قرظه نظما ارتجالا،
6
وأورد تقريظه هذا الجبرتي في تاريخه.
ولما أتم محمد بك أبو الذهب بناء مسجده المعروف بالقرب من الأزهر ألحق به - كالعادة - خزانة للكتب، وزودها بعدد كبير من أمهات الكتب، ولم يضن في سبيل ذلك بالمال، وقد حدثه العلماء المقربون إليه عن «تاج العروس» وأطنبوا في مدحه، وعرفوه - كما يقول الجبرتي - «أنه إذا وضع بالخزانة كمل نظامها، وانفردت بذلك دون غيرها، ورغبوه في ذلك فطلبه، وعوضه عنه مائة ألف درهم فضة، ووضعه فيها.»
وكان شيخ السادات الوفائية في ذلك الوقت هو السيد أبو الأنوار ابن وفا، وكان من عادته أن يكني من يحضر مجلسه من العلماء الذين يمتازون بالجد في التحصيل أو النبوغ، وقد كنى السيد المرتضى بأبي الفيض، وكان ذلك في يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة 1182ه، وكانت كنية موفقة؛ فقد بدأ السيد مرتضي يفيض على الناس فعلا من علمه، واتجه إلى إحياء الكتب ومناهج الدراسة القديمة، وخاصة في علم الحديث؛ ميدان تخصصه الأول، وحرص - على حد قول الجبرتي - «على جمع الفنون التي أغفلها المتأخرون؛ كعلم الأنساب والأسانيد وتخاريج الأحاديث واتصال طرائق المحدثين المتأخرين بالمتقدمين، وألف في ذلك كتبا ورسائل ومنظومات وأراجيز جمة.» (1-6) سكنه الجديد في سويقة اللالا
وفي سنة 1189ه كان الزبيدي قد بلغ الرابعة والأربعين من عمره وأصبح رجلا بل كهلا مكتمل الرجولة ناضج الفكر واسع المعرفة، وكان قد مضى عليه في مصر اثنتان وعشرون سنة، فعرفه العلماء والكبراء، وذاع صيته في الأوساط العلمية، وخاصة بعد أن احتفل بالفراغ من شرح القاموس منذ شهور قليلة، فرأى أن ينتقل من عطفة الغسال إلى حي جديد يتناسب ومكانته الجديدة، فانتقل إلى منزل بسويقة اللالا بالقرب من مسجد شمس الدين الحنفي في أوائل سنة 1189ه، وكان هذا الحي عامرا بالأكابر والأعيان، فأحدقوا به، ورحبوا بمقامه بينهم، وأقبلوا على زيارته ومهاداته، وهو يظهر لهم التعفف والغنى، ويعظهم ويفيدهم بفوائد وتمائم ورقى، ويجيزهم بقراءة أوراد وأحزاب، وبهذا الأسلوب وغيره عرف السيد محمد مرتضى أن يستحوذ على إعجاب جيرته من أهل الحي الجديد؛ فقد كان المجتمع القاهري - كما قلنا - تغمره موجة من التصوف، ويكاد كل فرد فيه ينتمي إلى طريقة من الطرق الصوفية، وكان الزبيدي يلفت النظر إليه كلما مر في الحي؛ فقد كان ربعة، نحيف البدن، ذهبي اللون، متناسب الأعضاء، معتدل اللحية، قد وخطه الشيب في أكثرها، وكان مترفها في ملابسه، ويختلف في هيئته وبزته عن العلماء المصريين، فيعتم - مثل أهل مكة - عمامة منحرفة بشاش أبيض، ولها عذبة مرخية على قفاه، ولها حبكة وشراريب حرير طولها قريب من فتر، وطرفها الآخر داخل طي العمامة، وبعض أطرافه ظاهر.
فانجذبت قلوب أهل الحي إليه، وتناقلوا خبره، وترددوا على داره يستمعون إلى دروسه وأحاديثه، فأسرهم بكلامه ، وملك عليهم ألبابهم؛ فقد كان كما يقول الجبرتي: «وقورا محتشما، مستحضرا للنوادر والمناسبات، ذكيا لوذعيا، فطنا ألمعيا، روض فضله نضير، وما له في سعة الحفظ نظير»، وكان إلى هذا يعرف اللغتين: التركية والفارسية، وبعض لسان الكرج. (1-7) طريقته في تدريس الحديث
Неизвестная страница