405

ودأب على قضاء وقت راحته في الخلاء حيث رعى الغنم، حيث لجأ عاشور صاحب العهد وتلقى النعم، ذلك الجد الذي أحبه وآمن بعهده، وعبد خيره وقوته. أليس هو مثله حبا في الخير وامتلاكا للقوة؟ ولكن ماذا فعل كلاهما بخيره وقوته؟ أما الجد فقد حدثت على يديه المعجزة، وأما هو فيسرح بالخيار والقثاء والرطب.

وفي الليل دأب على التسلل إلى ساحة التكية. يتلفع بالظلام ويستضيء بضوء النجوم، يردد البصر بين أشباح التوت والسور العتيق، يقتعد مكان الناجي ويصغي إلى رقصات الأناشيد. ألا يبالي رجال الله بما يقع لخلق الله؟

متى إذن يفتحون الباب أو يهدمون الأسوار؟ يريد أن يسألهم لماذا ارتكب فائز جرائمه. حتى متى تشقى حارتنا وتمتهن؟ لم ينعم الأنانيون والمجرمون؟ لم يجهض الطيبون والمحبون؟ لم يغط في النوم الحرافيش؟

هذا والجو يمتلئ بالأناشيد:

ديدي كه بار جز جور وستم نداشت

بشكست عهد وز غم ماهيج غم نداشت

37

وقالت حليمة لنفسها إنه يبدو دائما منشغل البال، شارد اللب، فيم يحلم يا ترى؟ هل يمكن أن تمضي الحياة في معاناة متصلة بلا نسمة ترطبها؟ وسألته بحنان: ماذا يشغلك يا عاشور؟

فلم يجب، فتساءلت: ألا يحسن بنا أن نجد لك زوجة تؤنس وحشتك؟

فقال باسما: ما نجد اللقمة إلا بشق الأنفس. - إذن فهناك ما يكدر صفوك؟

Неизвестная страница