15
وأثار فسخ خطوبة ضياء عاصفة من السخط والتهكم أسهم فيها الطيبون بطيبتهم، والحاقدون بحقدهم وحسدهم. وغطت نذالة ضياء على شهامة عاشور، فسرعان ما تجوهلت وانصبت اللعنات على الأسرة الخائنة التي تتجسد قسوتها وأنانيتها في أمثلة حية، وتذوب قداستها في أساطير غابرة لم يشهدها أحد.
وكان المعلم عاشور ربيع الناجي ماضيا إلى وكالة الفحم عندما ترامى إليه صوت غليظ ينادي بنبرة آمرة: عاشور!
رأى الفتوة حسونة السبع متربعا فوق أريكته وسط نفر من أتباعه، فمضى إليه بلا تردد، وأدى التحية اللائقة. ولم يدعه الفتوة للجلوس وقال له متحديا: إنكم أنذال يا آل الناجي!
أدرك عاشور ما وراء ذلك من سبب، وعجب لم لم يوجه سبه إلى أخيه. أدرك أنه يمتحن رجل الأسرة العملاق القوي. سرعان ما لاذ بنصيحة أمه ودهائه الفطري، فقال بأدب: ليغفر الله الذنوب! - بسرعة تنسون أصلكم، تنسون الجنون والدعارة، أليس محمد العجل أشرف منكم؟
فقال عاشور كاظما انفعالاته: إنه رجل شريف، وعما قريب سأنضم إلى أسرته. - كلا. - ولكنه الحق. - رفض الرجل النبيل أن تسعد إحدى ابنتيه على حساب الأخرى. - ولكن خطوبتي لم تفسخ! - بل فسخت من ناحيته، وها أنا أبلغك بقراره.
فصمت عاشور متجهما، فقال الفتوة: عليكم أن تعوضوه عما أصابه. - نفعل ما يراه فتوتنا صوابا.
16
وانقشعت السحابة المثقلة بالحقد والمرارة والندم. ومضت الأيام مترقرقة بالسعد والإقبال. غدت وجاهة ضياء وعاشور عادة يومية مألوفة. واستقرت الدار الفاخرة أمام بنك الرهونات. وحمل الدوكار حليمة البركة إلى مشاويرها. أما فائز ربيع الناجي صاحب الجاه وباعثه فكان يزور أهله ويتفقد ملكه على فترات متباعدة.
17
Неизвестная страница