سرعان ما نسيه الآخرون، أما فلة فساءلت نفسها عما يزهده في الشراب. اقتربت منه مرة أخرى وقالت وهي تومئ إلى القرعة: إنها جيدة فوق الوصف!
فحنى رأسه فيما يشبه الشكر. وقال لها أحد السكارى: ابعدي عنه يا بنت.
فرجعت ضاحكة وهي تقول بصوت مسموع: ألا ترى أنه يشبه الأسد؟!
قطرت السماء فرحة من أفراح الطفولة، ولكن عضلات وجهه تصلبت أكثر، ولم تعد ملابسه تحجب عريه عن الأعين. واختصر طريق حياته بين زاوية الممر وهذا المجلس بالبوظة، ما عدا ذلك طوي وتلاشى في نغمة جديدة غامرة. وسرعان ما استنام إلى الهزيمة جذلان بإحساس الظفر.
ووقفت فلة بين الأوعية الفخارية ترنو إليه باهتمام، على حين اقتحم الباب حسب الله ورزق الله وهبة الله.
سرى التوقع في ثنايا الخمول واشرأبت الأعناق. هتف حسب الله: سلام الجدعان.
ولمح أباه فتشنج حلقه وجمد، وخمد حماس رزق الله وهبة الله. وقفوا لحظة مذهولين، ثم استداروا فتلاشوا كشيء لم يكن. وارتفعت ضحكة هازئة. ونظرت فلة نحو درويش فلم ينبس، ولكن تجلى الضيق في وجهه.
24
احتجت قسمات زينب وسألته: وهل يستمر ذلك إلى الأبد؟
فتساءل عاشور في قهر: ما الحيلة؟ - عظيم أن تصدهم عن البوظة، ولكن بأي ثمن؟
Неизвестная страница