200

فيئس وحيد من مناقشتها، ولكنها سألته: ألا تدري معنى ذلك؟

فلم يكترث، ولكنها قالت تجيب نفسها: إنك خلقت للهواء!

4

وبقوة الغضب اخترق وحيد جدار الحذر. ما أضجره بمحل الغلال! ما أبعده عن رمانة وقرة! تقول الشيخة إنه خلق للهواء. ترى هل يصلح للتحدي؟

كان متوسط القامة وسيما رغم عوره، قويا ولكنه بالقياس إلى الفسخاني مثل هرة بالقياس إلى خروف. لم يندفع في مغامرة، ولكنه يضطرب كثيرا بحركة غامضة وقلق معذب. طالما قال له عمه رضوان: احذر الخيال وأقبل على العمل.

وطالما قالت له عمته صفية: لا تؤول أحلام ست ضياء على هواك.

وانحرف عن خط الأسرة فصادق شيخ الحارة محمد توكل رغم فارق السن، وسهر معه كثيرا في غرزة الصناديقي. وأنشأ علاقة طيبة مع صديق أبو طاقية الخمار من خلال تردده بين حين وآخر على البوظة. له صبوات في العربدة، ولكن لم تفته أبدا صلاة الجمعة، حتى قال له مرة الشيخ إسماعيل القليوبي: هل يجمع الله في قلب واحد بين الخمارة والزاوية؟

فتساءل وحيد بمرارة: ألا ترى قاتلا يمرح وبريئا يتعذب في الغربة؟!

5

وفي أعقاب ليلة معربدة رأى حلما طويلا. رأى نفسه في الساحة أمام التكية ولم يكن من المولعين بالساحة. وجاءه درويش فقال له: الشيخ الأكبر يخبرك بأن العالم قد خلق فجر الأمس.

Неизвестная страница