وصاح الرجال: صلاة النبي ترضي النبي.
56
رجع الرجال، على رأسهم شمس الدين الناجي، يخوضون الظلام على ضوء الشموع، وأنشدوا بأصوات أيقظت النيام:
اسم الله عليه، اسم الله عليه.
ثم غنى ذو صوت حسن:
يا عود قرنفل في الجنينة منعنع
ولكن شمس الدين لم ينعم طويلا بفوزه المبين. سرعان ما انفصل عن الجمع فوجد نفسه وحيدا. وحيدا في وحدة متعالية وموحشة. ووردت كلمة تقول إن كل شيء هباء حتى الفوز، وتقول أيضا إن الهتاف كثير، ولكن ما أكثر الآذان التي تتعاقب على سماعه! وأقبل نحوه عاشور الناجي حاملا على ذراعيه أمه الجميلة في كفنها الكموني، وفرح لظهور عاشور بعد اختفائه الطويل، وقال إنه كان على يقين من ظهوره ذات يوم، ولكن ألم تدفن أمه بعد؟ وفي لحظات الرضا تهبط سحابة فيمتطيها ذو الحظ السعيد فترتفع به في جوف القبة. عند ذاك لا يبالي بالموجات المثبطة التي يتلقاها من المجهول. يستوي لديه أن تحمله ساقاه أو تخذلانه. ولكنه وحيد، وحيد يتألم. ما معنى هذا الضعف الزاحف؟ الأنوار الخافتة تنطفئ. إنه يقترب من الحارة، وفي الحقيقة هو يبتعد. يبتعد إلى ما لا نهاية. لم يعد له من مطمح أكثر من أن يبلغ فراشه.
وتجلجل الأصوات:
اسم الله عليه، اسم الله عليه.
ويصارع شمس الدين المجهول في وحدته. إنه يصده عن السير، يرفع أديم الأرض حيال قدميه، يسرق فوزه العظيم ببسمة ساخرة، ويكور قبضته، ويسدد إليه ضربة في الصدر لم يعرف لعنفها مثيلا من قبل.
Неизвестная страница