Правда: очень короткое введение
الحقيقة: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
تبعد مجرة المرأة المسلسلة نحو 2,5 مليون سنة ضوئية عن الأرض. وإذا أردنا معرفة أي الأحداث على مجرة المرأة المسلسلة متزامن مع أي الأحداث على الأرض (على سبيل المثال، مع انتقال الساعة الرقمية من 59 : 59 : 11 إلى 00 : 00 : 12)، فعلينا أن نكون شديدي الحذر فيما يتعلق بسرعة تحرك الساعة؛ فالأحداث التي تقع على مجرة المرأة المسلسلة بالتزامن مع حركة ساعة اليد الخاصة بي من الثانية السابقة لانتصاف النهار إلى منتصف النهار بالضبط، والأحداث التي تقع بالتزامن مع حركة ساعة يد صديقي، سيفصل بينها نحو يوم كامل على كوكب الأرض، في حالة كون صديقي يسير الهوينى بسرعة قدم واحد في الثانية.
هنا تبدأ الأمور في اتخاذ منحى غريب. افترض أن كائنات فضائية شريرة تقطن مجرة المرأة المسلسلة قررت شن هجوم على كوكب الأرض، وقد توصلت هذه الكائنات إلى قرارها في الوقت نفسه لتحرك ساعة يدي إلى منتصف النهار. أستطيع رؤية صديقي يسير على مهل في المرج الأخضر، وبوصول ساعته إلى منتصف النهار، تكون الأحداث على مجرة المرأة المسلسلة قد تقدمت بنحو يوم أرضي: فالأسطول المجري في طريقه لتدمير الأرض. صديقي وأنا كلانا واقع، ومما لا شك فيه أن الحدث المتزامن مع حدث واقعي لا بد أن يكون واقعيا؛ من ثم فإن كلا الحدثين الواقعين على مجرة المرأة المسلسلة لا بد أن يكونا واقعيين، ولكن أحدهما يقع بعد الآخر بحوالي يوم أرضي؛ إذن يمكننا قول إن الأحداث التي تقع في المستقبل يمكن أن تكون واقعية، تماما كالتي تقع في الحاضر.
يمكننا تعميم هذه النقطة بإثبات أنه بالنسبة لأي حدث سواء أكان ماضيا أم حاضرا أم مستقبليا، يمكننا تحديد موقع ما بحيث إذا كان شخص يسير بسرعة معينة في هذا الموقع، فإن هذا الحدث سيكون متزامنا معه. قد لا يكون هناك فعليا وجود لمثل هذا الشخص، ولكن يظل من الغريب أن يكون تحديد إذا ما كان حدث مستقبلي ما حدثا واقعيا أم لا معتمدا على من يتحرك، وأين في الكون، وبأي سرعة!
يبدو أن لدينا بديلين متماثلين في الغرابة؛ الأول: أن نؤمن بأن ثمة أجزاء في المستقبل محددة سابقا بشكل ثابت، وليست مجرد تركيبات مائعة من الاحتمالات التي يمكن تشكيلها بواسطة أفعالنا. وهذه هي الأجزاء التي يوجد فيها إطار مرجعي لراصد في مكان ما في الكون بحيث يكون هذا الجزء من المستقبل متزامنا معه. أما الثاني: فهو الإيمان بأن التزامن ليس الشيء الوحيد الذي يتوقف على الراصد، وإنما الواقع هو الآخر يتوقف على الراصد؛ فالأسطول الزاحف من مجرة المرأة المسلسلة واقع بالنسبة لصديقي (لأنه متزامن معه)، وصديقي واقع بالنسبة لي، ولكن الأسطول الزاحف ليس واقعا بالنسبة لي؛ وذلك لأنه يقع في مستقبلي. ليس هناك واقع حاضر مشترك موضوعي مستقل عن الراصد، ولكن هناك واقع بالنسبة لي وآخر بالنسبة لك، وهكذا. ومن الممكن أن تتداخل هذه الحقائق الذاتية. (الأسطول الزاحف من مجرة المرأة المسلسلة واقع بالنسبة لصديقي وهو أيضا واقع بالنسبة لنفسه. والصديق فقط وليس الأسطول واقع بالنسبة لي.) إذن فالواقع الذي نعيش فيه كلنا ليس هو كل الواقع، ولكنه فقط الجزء الصغير من الواقع الذي نستطيع التفاعل فيه بعضنا مع بعض؛ نظرا لأن كل الكائنات والأحداث في هذا الجزء واقعية بالنسبة لكل واحد فينا.
القديس أوغسطين، «الاعترافات»، الكتاب الحادي عشر
ولكن الشيء المؤكد والواضح الآن هو أنه لا توجد أشياء مستقبلية ولا ماضية؛ فليس من المناسب أن نقول إن هناك ثلاثة أقسام للزمن: ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ولكن ربما يكون من الملائم أن نقول إن هناك ثلاثة أقسام للزمن: حاضرا للأشياء الماضية، وحاضرا للأشياء الحاضرة، وحاضرا للأشياء المستقبلية. وهذه الأقسام توجد بطريقة أو بأخرى في الروح، وإلا فما كنت رأيتها: حاضر للأشياء الماضية، الذاكرة؛ وحاضر للأشياء الحاضرة، المرأى ؛ وحاضر للأشياء المستقبلية، التوقع. وإذا كان من المسموح لنا أن نتحدث عن هذه الأشياء، فأنا أرى الأقسام الثلاثة للزمن، وأثق أن هناك ثلاثة.
وأخيرا، ماذا عن الحاضر؟ من بين أقسام الزمن الثلاثة، يبدو أن هذا هو الأحق بأن يوصف بأنه واقعي؛ فعلى عكس الماضي والمستقبل، الحاضر هو الذي نعيش فيه. إنه أيضا ما نتشاركه مع جميع المخلوقات الأخرى، جميعنا في أماكن مختلفة، ولكن في الزمن نفسه. وكما يبين القديس أوغسطين، الواقع الوحيد في الماضي هو الآثار التي خلفها في الحاضر، والواقع الوحيد في المستقبل هي توقعاتنا بناء على الحاضر.
إلا أنه على الرغم من الثبات الظاهري الذي يتسم به الحاضر، فهو يبدو أكثر صعوبة في الفهم بكثير من الماضي أو المستقبل. فمن الواضح أن كليهما قد استمرا (أو سيستمران) لزمن طويل، ولكن إلى متى يستمر الحاضر؟ مهما قصرت المدة التي نحددها، يمكننا تمييز المزيد من الأجزاء المؤقتة في هذه المدة، ومن بين هذه الأجزاء لا يستحق أن نطلق لفظ «الحاضر» إلا على الأجزاء المتوسطة. ولكن إذا واصلنا تقسيم الوقت بهذه الطريقة، فسوف يتقلص الحاضر إلى محض شفرة موسى، محاطة بالماضي من ناحية والمستقبل من ناحية أخرى. وهذا «الحاضر» الجديد قصير للغاية لدرجة أننا نتساءل كيف يمكن أن يحدث فيه أي شيء؟!
عند هذه النقطة، من المفيد أن نفرق بين اللحظة الآنية الذاتية، أو النفسية، وبين الحاضر الواقعي. يمكننا ببساطة تحديد مدة استمرار اللحظة الآنية الذاتية بتجربة بندول الإيقاع. إذا ضبطنا البندول على 120 دقة في الدقيقة (بحيث نسمع دقتين في الثانية)، يمكننا تشكيل مجموعات من هذه الدقات بإعطاء وزن ذاتي إضافي لكل دقة ثانية نسمعها. ويمكننا تشكيل مجموعات أكبر بإعطاء مثل هذا الوزن لكل دقة ثالثة، أو كل دقة رابعة، وهكذا. ولكن هذه القدرة على تشكيل مجموعات تتبدد في مكان ما. ومن السهل أن نرى هذا عندما نقلل السرعة إلى 40 دقة في الدقيقة. الآن هناك فارق 1,5 ثانية بين كل دقة ودقة، وأصبح من الصعب بالفعل تشكيل مجموعات من دقتين. بشكل عام ، البشر غير قادرين على تشكيل مجموعات دقات مجربة ذاتيا تستمر أكثر من ثلاث ثوان. (إذا حاولت إلقاء الشعر باستخدام ساعة توقيف، فسوف تدرك أيضا أن مدة استمرار إلقاء معظم أبيات الشعر أقل من ثلاث ثوان.) ولذا فإنه من المنطقي أن نقدر مدة استمرار الحاضر الذاتي بحوالي ثلاث ثوان.
هكذا يمكننا أن نقول إن الحاضر الذاتي أو النفسي ليس شفرة موسى، وإنما هو سرج فرس له عرض خاص به. ولكن الحاضر النفسي، بالطبع، لا يشبه الحاضر الواقعي. ومع أن الحاضر النفسي يكون أفقنا الزمني، ويشمل كل الأحداث التي نعتبر أنها تحدث على نحو متزامن وتحدث الآن، إلا أنه ما زال بالإمكان تقسيمه مرة أخرى؛ فالشخص الذي يسير بسرعة عادية يعبر مسافة حوالي أربعة أمتار أثناء الحاضر الذاتي. وعندما يصل إلى نقطة المنتصف، فإن المترين الأخيرين اللذين سارهما سيقعان في جزء الحاضر النفسي الذي يعتبر ماضيا، في حين أن المترين التاليين سيقعان في الجزء الذي يعتبر مستقبلا. فالحاضر الذاتي أو الظاهر ممتد زمنيا، ويمكن تقسيمه إلى أجزاء سابقة ولاحقة. من ناحية أخرى، فالحاضر الفعلي لا ينطوي على أجزاء وليس له مدة معينة.
Неизвестная страница