154

فصل في الكلام في الوعد والوعيد

أما الوعد فلا خلاف بين أهل القبلة فيه، وإنما اختلفوا في صدق الوعيد.

فعندنا، وعند المعتزلة؛ أن الله صادق الوعيد، كما أنه صادق الوعد، وأن من مات مصرا على معصية أنه مخلد في النار وإن كان من أهل القبلة.

وقالت الحشوية، والمرجئة: لا يستحق أهل القبلة العذاب، واستدلوا بقول الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[النساء:48]، ونفوا المنزلة بين المنزلتين. وقالوا: الناس مؤمن وكافر ، وحجتهم قول الله تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن }[التغابن:2].

وقالت المرجئة: يجوز أن يعذبهم، ويجوز أن يعفو عنهم، وهو قول بعض المعتزلة، وعلتهم أنهم قالوا: ليس العفو بقبيح، ألا ترى أن إنسانا لو توعد عبده بالعذاب والضرب، والحبس ثم قدر عليه وعفا عنه أن ذلك لا يكون قبيحا.

واستدلوا عليه بقول الشاعر:

وإني إن أوعدته أو وعدته

لمخلف إيعادي ومصدق موعدي

وقد روي أن عمرو بن عبيد رحمه الله تناظر هو ورجل من المرجئة، فاحتج المرجئ بقول الشاعر:

لمخلف إيعادي ومصدق موعدي

فاحتج عليه عمرو بن عبيد بقول الله تعالى: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم}[الأعراف:44].

وبقول الشاعر:

إن أبا ثابت لمجتمع الرأي شريف الآباء والبيت

Страница 214