Истины Ислама и заблуждения его противников
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Жанры
ونحن لا نريد أن نقارن هنا بين الإسلام والديانات الكتابية في قضية الربا بأنواعه، ولكننا نريد أن نقارن بينه وبين المذاهب الاقتصادية التي يظن أصحابها أنهم يحيطون بحكمة التشريع عامة في جميع العصور؛ لأنهم حسبوا أن فترة من فترات الزمن تستوعب هذه الحكمة وتفرغ منها على نحو لا يقبل المراجعة والتعديل، فإذا خيل إليهم في وقت من الأوقات أن الحضارة مرهونة بنظام معلوم في المصارف والشركات، خطر لهم أن يفرضوا هذا النظام بعجره وبجره على الماضي والحاضر والمستقبل في المشرق والمغرب وبين جميع الملل والأقوام، وطلبوا إلى أصحاب العقائد أن ينسخوها، وإلى أصحاب الشرائع أن ينقضوها، وإلى أصحاب المبادئ الخلقية والفكرية أن يقتلعوها من جذورها، واجترءوا على من يناقضهم وينظر إلى ما فوق أنوفهم فاتهموه بالجمود والنكسة، وألقوا عليه تبعة الفساد والرجعة بالعقول إلى الوراء.
وها هي ذي قواعد الحضارة التي يتعللون بها تتطلب اليوم من نظم الاقتصاد ما لم تكن تتطلبه قبل خمسين سنة، وسوف تتطلب بعد خمسين سنة ما لم تتطلبه اليوم، فما هو الميزان العادل الذي تصح فيه الموازنة بين المذاهب وبين الدين؟ هل نبيح لهذه المذاهب المتقلبة أن تفرض سلطانها على الدين الذي لا مزية له إن لم تركن منه ضمائر الأمم إلى قرار مكين ثابت على تقلب الزعازع والأحوال؟ هل ننتظر من الدين أن يعرقل هذه المذاهب ويأخذ الصواب منها بذنب الخطأ، فيحرم الصواب والخطأ على السواء؟
لا هذا ولا ذاك.
بل يمضي كل مذهب إلى مداه المقدور، ويتسع الدين لأحداث الزمن فلا يتصدى لها في مجراها ولا يمنعها أن تذهب إلى مداها، وأن تضطرب اضطرابها لمستقر لها تمحصه الأيام:
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض (الرعد: 17).
وتلك هي مزية الإسلام بين المذاهب والأديان؛ لا يقف في طريق رأي صالح، ولا يحول بينه وبين التجارب تنبذ منه لا سبيل إلى قبوله وتبقي منه ما هو صالح للبقاء.
وتلك الزعازع التي تمخضت عن حوادث القرن العشرين ينظر إليها الإسلام وهو ثابت على قراره المكين؛ فلا يمنع صالحا منها أن يثبت صلاحه، ولا يدع لفاسد منها أن يطغى بفساده طغيانا لا رجعة فيه.
إنه لا يمنع الملكية العامة، بل يأمر بها في مرافق الجماعة، ولا يبيح لأحد أن يملك موارد الماء والنار والكلأ، كما جاء في الحديث الشريف،
2
ومن فقهائه في مذهب الظاهرية من يشترط العمل لاستحقاق الكسب حتى في تأجير الأرض وزراعة الشجر وجني الثمرات.
Неизвестная страница