Истины Ислама и заблуждения его противников
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Жанры
قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون (الأنعام: 50)،
وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو (الأنعام: 59).
بهذه الفكرة الرشيدة عن النبوة يفرق الإسلام بين طريقين شاسعتين في تاريخ الأديان: طريق موغلة في القدم تنحدر إلى مهد النبوات الوثنية حيث تشتبك العبادة بالسحر والكهانة، ثم تتقدم في خطوات وئيدة يلتقي فيها الخبل باليقظة، وتختلط فيها الخرافة بالإلهام الصادق والموعظة الحسنة.
وطريق تليها موغلة في المستقبل، يفتتحها صاحب النبوة الأخيرة، فيعلن أنه يفند السحر والكهانة، ويزري بقداسة الجنون أو جنون القداسة، ويروض بصيرة الإنسان على قبول الهداية وإن لم تروضها له روعة الخوارق ودهشة الغيب المجهول؛ لأنه يروض البصيرة الإنسانية على أن تنظر وتبصر، ولا يستوي الأعمى والبصير.
ومن تأمل هذا الفارق بين الطريقين الشاسعتين في تاريخ الأديان لا جرم يطيل التأمل، فلا يرى عجبا أن تكون هذه النبوة خاتم النبوات؛ إذ كان الإصلاح بعدها منوطا بدعوات يستطيعها من لا يدعي خارقة تفوق طاقة الإنسان، ولا يهول العقول بالكشف عن غيب من الغيوب لا يدريه الإنسان. •••
وأبعد شيء عن البحث الأمين أن تنعقد المقارنة بين هذه النبوة الإسلامية ونبوءات أخرى تقدمتها، فيزعم الباحث أنها نسخة محرفة منها أو منقولة عنها، فإن الفارق بين نبوءة تقوم حجتها الكبرى على هداية العقل والضمير، ونبوءات تقوم حجتها الكبرى على الغرائب والأعاجيب؛ لهو من الفوارق البينة التي لا يمتري فيها باحثان منصفان، ودع عنك الفارق بين نبوءة تدعو إلى رب العالمين ونبوءة تدعو إلى رب سلالة أو رب قبيلة، وربما اعترى الخطأ مقياسا من مقاييس البحث فتساوت لديه الزيادة والنقص وتعادل أمامه الراجح والمرجوح. فأما أن يرجح النقص على الزيادة فذلك هو الخطأ الذي لا ينجم إلا من زيغ في الطبع أو عناد يتعامى عمدا عن الشمس في رائعة النهار.
والواقع أن النبوة الإسلامية جاءت مصححة متممة لكل ما تقدمها من فكرة عن النبوة، كما كانت عقيدة الإسلام الإلهية مصححة متممة لكل ما تقدمها من عقائد بني الإنسان في الإله.
ومن عجيب الاستقصاء أن القرآن الكريم قد أحصى النبوءات الغابرة بأنواعها؛ فلم يدع منها نوعا واحدا يعرفه اليوم أصحاب المقارنة بين الأديان، ومن تلك الأنواع نبوءة السحر ونبوءة الرؤيا والأحلام ونبوءة الكهانة ونبوءة الجذب أو الجنون المقدس ونبوءة التنجيم وطوالع الأفلاك، وكلها مما يدعيه المتنبئون ويدعون معه العلم بالغيب والقدرة على تسخير نواميس الطبيعة، ولكنها على اتفاقها في هذه الدعوة تختلف بمصادرها ونظرة الناس إليها أيما اختلاف.
فنبوءة السحر يغلب عليها أنها موكلة بالأرواح الخبيثة تسخرها للاطلاع على المجهول أو السيطرة على الحوادث والأشياء، ونبوءة الكهانة يغلب عليها أنها موكلة بالأرباب لا تطيع الكاهن، ولكنها تلبي دعواته وصلواته وتفتح لها مغالق المجهول في يقظته أو منامه وترشده بالعلامات والأحلام، ولا تلبي سائر الدعوات والصلوات. ولكنهما - نبوءة السحر ونبوءة الكهانة - تخالفان نبوءة الجذب والجنون المقدس؛ لأن الساحر والكاهن يدريان بما يطلبان ويريدان قصدا ما يطلبانه بالعزائم والصلوات، ولكن المصاب بالجذب أو الجنون المقدس مغلوب على أمره ينطلق لسانه بالعبارات المبهمة وهو لا يعنيها ولعله لا يعيها، ويكثر بين الأمم التي تشيع فيها نبوءة الجذب أن يكون مع المجذوب مفسر يدعي العلم بمغزى كلامه ولحن رموزه وإشاراته، وقد كانوا في اليونان يسمون المجذوب «مانتي»
Manti
Неизвестная страница