ونظر إلى المرآة فرأى صدره يغطيه شعر أسود كثيف، وتأمل قامته الطويلة العريضة، وهبطت نظراته إلى يديه، فرأى أصابعه الغليظة، وهي تنتقل بغير وعي بين خصلات الشعر. غريبة! كيف سمى نفسه سوسو؟! أو سمح لنفسه أن يسمي هذه الجثة الضخمة المغطاة بالشعر سوسو؟! لماذا لم يسم نفسه طرزان أو ضرغاما، أو أي اسم من تلك الأسماء المذكرة الخشنة، التي تليق برجولته، وتجبر الناس على احترامها؟
نظر إلى المرآة ثانية، يتفقد نفسه؛ ليكتشف أي شيء فيها يشبه سوسو.
ولم يجد شيئا إلا ذلك القميص المشجر، الذي يبدو شاذا على صدره العريض المشعر.
وأحس بالدماء تغلي في رأسه، وود لو خلع هذا القميص أو مزقه، وشطب اسم سوسو من اللافتة. - أوه! حاسب شوية يا سوسو، المكوة لسعتني!
صاحت صاحبة الشعر الأسود الداكن، بعد أن مست المكوة في يد سوسو الثائرة طرف أذنها.
لسعة خفيفة، أصابت جسمها بشيء من الانتشاء، فعادت تتأوه من جديد، وهي تنظر إلى سوسو نظرة نداء مكتوم صارخ، وقالت في ميوعة أنثوية: أوه! مش تحاسب علي يا سوسو !
ولم يرد عليها سوسو، لم يجد في نفسه رغبة للرد على هذا النداء المكتوم، كما كان يفعل دائما، ويقول لها في ميوعة مذكرة: بعد الشر عنك، انشالله يا مدام أنا اللي أتلسع!
ويتعمد أن يلسعها مرة أخرى لسعة خفيفة، لتنتفض على كرسيها، وتنتشي أكثر وأكثر وتتأوه أكثر وأكثر.
كان يعلم أن أنوثتها الصائحة في المجتمع المحروم، في حاجة إلى شيء من هذه الأشياء الصغيرة؛ لسعة خفيفة بالمكوة، قرصة في الذراع، نظرة اشتهاء خفيفة، شدة شعر مقصودة.
هذه الأشياء الصغيرة المباحة في المجتمع، التي تنفس بها النساء عن ضغط غرائزهن، أشياء صغيرة لا يطلق عنها المجتمع الإشاعات، ويرضاها الأزواج كل الرضا، ما دامت الزوجة ستصفف شعرها كما تفعل كل النساء. إن المجتمع لا يرضى عن الشذوذ أيا كان، حتى ولو كان شذوذا فاضلا، ويرضى عن المعتاد حتى ولو كان خاطئا.
Неизвестная страница