وأخذ «لايرتس» أول الأمر يداعب «هملت»، وسمح له أن يتفوق عليه، وبالغ الملك المنافق في هذا الفوز، وأخذ يطنب في مدحه، وشرب نخب «هملت» وفوزه، وراهن على نتيجة المباراة رهانا كبيرا. ثم ازداد «لايرتس» حماسة بعد بضع جولات، وهجم على «هملت» هجمة عنيفة وطعنه طعنة قاتلة بحد سيفه المسموم. واهتاج «هملت»، ولم يكن يعرف كل ما دبره له «لايرتس» من غدر، واستبدل بسيفه العادي سيف «لايرتس» المسموم، وهجم به على خصمه وطعنه طعنة نجلاء ذاق بها وبال أمره. وصرخت الملكة في هذه اللحظة وقالت إنها سمت، وذلك أنها شربت وهي غافلة من إناء أعده الملك ليشرب منه «هملت» إذا ما خرج من المبارزة حران في حاجة إلى الماء. وكان هذا الملك الغادر قد دس في هذه الماء سما زعافا ليضمن به القضاء على «هملت» إذا ما نجا من سيف «لايرتس»، ونسي أن ينبه الملكة إلى حقيقة ما في الماء فشربته وماتت لساعتها، ونادت وهي تلفظ آخر أنفاسها أنها قضت نحبها مسمومة.
وتوقع «هملت» أن يكون في الأمر خيانة، فأمر أن تغلق الأبواب، وشرع يفحص عن الحقيقة، وطلب إليه «لايرتس» ألا يطيل البحث؛ لأنه هو الخائن الغادر، وأحس هذا الشاب بدنو أجله من أثر الجرح الذي أصابه به «هملت» فأقر بجرمه وبما جناه على نفسه، ولم يخف عن «هملت» أمر السيف المسموم، وأخبره أنه لن يعيش أكثر من نصف ساعة بعد ذلك الوقت؛ لأن هذا السم لا يرجى منه شفاء. ثم سأله أن يغفر له ذنبه، وقضى نحبه، وقال وهو في سكرة الموت: «إن الملك أصل هذا البلاء كله».
ورأى «هملت» أجله يتصرم، ورأى في السيف بقية من السم، فهجم به فجأة على عمه الغادر وطعنه بسنه في صدره، وبر بما وعد به روح أبيه، فنفذ أمره، وانتقم له من قاتله الأثيم. وشعر «هملت» بدنو أجله وانقضاء أنفاسه المعدودة فالتفت إلى صديقه العزيز «هوراشيو» الذي كان طوال الوقت يشاهد هذه المآسي المروعة، وطلب إليه أن يبقي على نفسه ليقص على العالم قصته، فقد بدت من «هوراشيو» في ذلك الوقت إشارة تنم عن عزمه على الانتحار ليقضي نحبه مع الأمير. وعاهده «هوراشيو» على أن يروي هذه القصة في صدق وأمانة؛ لأنه مطلع على جميع أسرارها. فلما أرضى «هملت» ضميره وتم له ما أراد تحطم قلبه النبيل، وانهمر الدمع من عيني «هوراشيو» ورفاقه الذين شاهدوا هذه المأساة، ودعوا الملائكة الكرام أن يرفقوا بروح الأمير الطيب النفس، اللين العريكة. وفي الحق أن «هملت» كان أميرا لين العريكة محبا للناس، رفيقا بهم، محببا إليهم جميعا لنبله وكرم سجاياه، وما من شك في أنه لو عاش لكان أعظم من جلس من الملوك على عرش ال «دانمرك».
شخصيات الرواية
كلوديوس:
ملك ال «الدانمرك».
هملت:
ابن الملك الراحل، وابن أخ الملك الحالي.
بولونيوس:
رئيس الديوان الملكي.
Неизвестная страница