206

Химиян Зад

هميان الزاد إلى دار المعاد

Жанры

{ ولتجدنهم } تعلمنهم والمضارع هنا للحال المستمرة قبل وبعد أو للاستقبال، أى تعلم بعد وقتك هذا أنهم أحرص الناس بعد عدم علمك بحرصهم أو بعد علمك بأنهم حريصون، لأنهم أحرص عن جميع الناس والضمير المنصوب محلا لليهود. { أحرص الناس } أى أحرص من غيرهم من الناس كلهم، وإنما يضاف اسم التفضيل لما هو بعضه وهم بعض الناس فى الجملة لا فى الآية، ومرادى أن يضاف إلى لفظ شامل له بحسبه وضع اللغة لا بحسب المراد منه فى المقام، فإن لفظ الناس بحسب اللغة شامل لليهود ولا يشملهم فى الآية ونحوها، إذ لا يفضل الشئ على نفسه وغيره، كما لا يفضل على غيره، وأجاز الكوفيون أن يضاف إلى ما ليس هو بعضه، ولما أضيف إلى معرفة جاز إفراده، ولو وقع على جماعة ولو طابق ما وقع عليه لقيل أحرصى الناس بياء الجمع، ويحذف نونه للإضافة، قال ابن هشام والغالب ترك المطابقة كما فى الآية، وابن السراج يوجبه يعنى يوجب تركها ويرده إلى أكابر مجرميها، وإن جعل أكابر غير مضاف لمجرميها بل مفعولا ثانيا ومجرمى أولا لزمه ثبوت المطابقة مع التجرد من أول الإضافة لمعرفة إذا قيل أكابر الأكبر وذلك لا يجوز. انتهى بصرف وزيادة إيضاح. { على حياة } نكر الحياة للتعظيم وللدلالة على النوع. والنوع فرد الجنس، وإن شئت فقل للدلالة على فرد من أفراد الحياة، والمراد حياة متطاولة، فالتنكير أبلغ من قراءة أبى، أحرص الناس على الحياة بالتعريف، وإقسام الله على أنهم أحرص الناس على حياة، تذييل وتقرير بقوله { ولن يتمنوه أبدا }. { ومن الذين أشركوا } عطف على من التى يتضمنها قوله أحرص الناس وعلى الناس فهو من العطف على المعنى المسمى فى غير القرآن عطف التوهم، إذ المعنى أحرص من الناس والذين أشركوا العرب والمجوس ونحوهم ممن أنكر البعث للثواب والعقاب، فإن العرب تنكره والمجوس كذلك، وتقول المجوس بالنور والظلمة، وقيل لم يقولوا أيهما، وقيل المراد بالذين أشركوا المجوس لأنهم كانوا يقولون ملوكهم عشر ألف نيروز وألف مهرجان يعنون أعيادهم، وعن ابن عباس هو قول الأعاجم زه هزار سال، أى عش ألف سنة، وقال الحسن المراد مشركو العرب، وخص المشركين المنكرين للبعث بالذكر مع شمول لفظ الناس لهم، ومع أن النصارى أيضا حريصون على الحياة، وكذا غيرهم للمبالغة، إذ حرص من ينكر البعث على الحياة شديد لاقتصار همتهم على الحياة الدنيا وعدم اعتقادهم الجنة والنار، فضلا عن أن يرجو الحياة الآجلة والجنة، أو خصهم بالذكر لزيادة توبيخ اليهود، والتقريع عليهم وإيضاح كذبهم، لأنهم مقرون بالجنة مدعون أنها لهم، فلو صحت دعواهم لأحبوا الموت ليدخلوها، ولكانوا غير حراص على الحياة، فلما كانوا أحرص عليها ممن لا يعتقد الجنة، علمنا أنهم كرهوا الموت لعلمهم أنه لا خير لهم فى الآخرة، وما لهم فيها إلا النار، فكرهوا الموت لئلا يدخلوها بخلاف من أنكر البعث، فإن حرصه على الدنيا إنما هو لزوال لذتها عنه بالموت لا لخوفه من النار، لعدم اعتقاده إياها فلم يكن حرصه كحرص هؤلاء الأراجس اليهود، بل دونه ولم يستبعد حرصهم مع دعواهم الجنة مستبعد لأنهم لم يحرصوا ليزيلوا عبادة فكانوا أحقاء بالتوبيخ الشديد، ويجوز كون المعطوف محذوفا أى وأحرص من الذين أشركوا دل عليه أحراص الناس، وذكر ابن هشام أنه يحذف المعطوف، ويجب أن يتبعه العاطف.

. انتهى، ويفيد قوله بما إذا لم يبق المعمول وقوله { يود أحدهم } أى أحد اليهود مستأنف لبيان زيادة حرصهم، ويحتمل أن تجعل قوله { من الذين أشركوا } خبرا لمبتدأ محذوف منعوت بجملة { يود أحدهم } أى ومن الذين أشركوا ناس يود أحدهم أى أحد الناس المحذوفين، قال ابن هشام يجوز حذف المنعوت إن علم وكان النعت صالحا لمباشرة العامل أو بعض اسم مقدم مخفوض بمن أو فى، فلفظ الناس المحذوف أريد به اليهود، ودخلوا على هذا الوجه فى قوله { الذين أشركوا } إذ هم بعض المشركين لأنهم أنكروا القرآن ومحمدا وعيسى والإنجيل، وقالوا عزير ابن الله سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وليس كما قال بعض إن المشركين فى هذا الوجه هم اليهود، لأن من التبعيضية فى هذا الوجه تنافيه إلا إن أراد أنه أشير بلفظ الذين أشركوا إلى اليهود أنهم من المشركين. { لو يعمر ألف سنة } أى لو يحيى فى ألف سنة أو يعطى ألف سنة، فألف ظرف على الأول ومفعول ثان ليعمر على الثانى لتضمنه معنى يعطى، ولو مصدرية والمصدر مفعول لم يرد وليس كما قال غيرى إنها حرف تمنى لأن التمنى إنما يفيده قوله { يود } اللهم إلا أن قدر مفعول { يود } والقول أى يود أحدهم التعمير بقول لو يعمر ألف سنة، أى لو أعمر أنا ألف سنة فالتفت إلى غيبة يقول من تكلم أعمر أو ضمن يود معنى القول بأن ود بلسانه وقلبه، فجعل لو يعمر ألف سنة مقولا اليهود، وممن ذكر أن لو هذه مصدرية، ابن هشام قال تكون لو مصدرية وأكثرها بعد ود ويود، وأكثرهم لم يثبت مجيئها مصدرية، والذى أثبته الفراء وأبو البقاء والتبريزى، وابن مالك، ويقول المانعون فى نحو { يود أحدهم لو يعمر } أنها شرطية، ومفعول يود وجواب لو محذوفان، والتقدير يود أحدهم التعمير لو يعمر ألف سنة، فسره ذلك، ولا يخفى ما فى ذلك من التكلف.. إلخ، ولا التفات فى يعمر إلا أن ضمن يود معنى يقول، أو قدر القول، فحينئذ يكون من الالتفات السكاكى، إذ مقتضى الظاهر أن يقول أعمر بالتكلم، وكل سنة مذكورة فى القرآن فمعناها اثنى عشر شهرا إلا السنة العجمية، والمذكورة هنا اثنى عشر شهرا إلا على ما تقدم أن المراد عشر ألف نيروز وألف مهرجان وزه هز إرسال، فالسنة العجمية وخص الألف لأنها نهاية العقود، ولأنها تحية المجوس كما رأيت، وأصل سنة سنوة أو سنهة لقولهم سنوات وسنهات.

وسانهت، عاملته بالسنين أو ماثلته فيها. أو تسنهت النخلة أتت عليها سنون، ولما حذفت الواو أو الهاء كانت التاء عوضا عنها، أو علامة تأنيث بعد أن كانت علامة تأنيث فقط وقوله. { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } مستأنف أو حال من أحدهم وقوله { هو } عائد إلى قوله { أحدهم } اسم وما ومزحزح خبرها أو الباء صلة التأكيد، وأن يعمر فاعل مزحزح، ومعنى مزحزح مبعد أى لا يبعده التعمير الطويل من عذاب الآخرة، أى لا يمنعه بل لا بد يصله، ويجوز أن يعود لفظ هو إلى التعمير المفهوم من يعمر فى قوله { لو يعمر } ، ويدل لهذا قول ابن جبير عن ابن عباس ما عمره بمنجيه من العذاب، فإن يعمر بدل منه بدل مطابق أو عطف بيان وإن يعود إلى مبهم مثل شئ مفسر بقوله إن يعمر. مع إبقاء أن يعمر على الفاعلية لمزحزح، وقيل هو ضمير الشأن، وأن يعمر مبتدأ، ومزحزح خبر، قال ابن هشام، ولو كان كذلك لم تدخل الباء فى الخبر، لأنه لا يكون مزحزح خبر ما حينئذ.. انتهى بزيادة منى وإيضاح. { والله بصير بما يعملون } فيجازيهم، وقرئ بالمثناة الفوقية.

[2.97]

{ قل } لهم. { من كان عدوا لجبريل } بكسر الجيم والراء، وبعدها ياء ساكنة، وقرأ ابن كثير كذلك إلا أنه فتح الجيم، وقرأ أبو بكر بفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة من غير ياء، وقرأ حمزة والكسائى مثله إلا أنهما يجعلان ياء بعد الهمزة، ولا ألف فى شئ من ذلك. وقرئ شاذا جبرائيل بكسر الجيم وفتح الراء بعدها ألف وبعد الألف همزة مكسورة وبعد الهمزة ياء ساكنة، وقرئ كذلك إلا الجيم ففتحت وقرئ كذلك إلا الياء فسقطت وقرئ كذلك إلا الهمزة فسقطت وإلا الياء فكسرت وقرئ كذلك إلا الهمزة والياء، فسقطتا وقرئ جبريل بكسر الجيم والراء والياء، وتشديد اللام، وجبرائيل بكسر الجيم وبيائين بعد الألف الأولى، مكسورة والثانية ساكنة، وقرئ جبراءل بكسر الجيم وفتح الراء وبالألف فهمزة فالياء، وقرئ جبرين بفتح الجيم وكسر الراء وبياء ساكنة بعدها نون، وقرئ جبرايين بفتح الجيم والراء بعدها ألف وبعد الألف ياءان أولاهما مكسورة والثانية ساكنة بعدها نون. قال ابن جنى العرب إذا نطقت بالأعجمى خلطت فيه، وروى عن ابن كثير أنه قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم يقرأ جبريل وميكائيل بكسر الجيم وكسر الراء بلا همز ، فلا أزال أقرأ بها أبدا كذلك، قال الثعلبى الصحيح المشهور عن ابن كثير ما تقدم من فتح الجيم لاما حكى عنه فى الرؤيا من كسرها انتهى. وعلى كل قراءة فجر بمعنى عبد ولفظ إيل وما اختصر منه أو تصرف فيه بمعنى الله، قال ابن عباس وغيره إن جبر وميك وإسرا بمعنى عبد مملوك، وإيل الله هذا نص عن ابن عباس وليس فيه قلب لإضافة، كما زعم بعض أن الإضافة مقلوبة فى لغة العجم مطلقا وأن جبر وميك وإسرا وعزرا بمعنى الله وإيل بمعنى عبد، فإن ذلك ليس فى كل لغات العجم، فهذه لغة البربر عندنا لم تقلب فيها الإضافة. { فإنه } أى الله سبحانه وتعالى أن جبريل أو القرآن أو الشأن. { نزله } أى القرآن، أو الهاء الأولى لله جل وعلا، والثانية لجبريل، أى أن الله نزل جبريل بالقرآن وسائر الوحى. { على قلبك } ذكر القلب لأنه محل الفهم والقبول والحفظ، ولأنه القائل الأول، ثم تزجر النفس، ثم تعمل الجوارح، وإن قلت كيف صح رجوع الهاء الثانية والأولى للقرآن، ولم يذكره قلت صح لأنه دل عليه ذكر التنزيل لكثرة ذكر تنزيل القرآن فى الآيات، ولوصفه بالتصديق لما بين يديه لتقدم أنه مصدق، ولوصفه بالهدى والبشرى، وقد ذكر فى آيات صفتين له، ولأن ما فخم شأنه يرجع إليه الضمير، ولو لم يذكر لأن القلوب مملوءة به فتستحضره فى المقام بأدنى إشارة، ولأنه لفخامته وفرط شهوته لم يحتج فى رفع الضمير إليه إلى سبق ذكر، ومقتضى قوله قل أن يقول على قلبى، ففى قوله قلبك الالتفات السكاكى من التكلم إلى الخطاب، وجواب من محذوف تقديره فليمت غيظا أو فليفعل ما بداله أو خرج من الإيمان أو خرج عن الإنصاف أو كفر بما معه من الكتاب لنزوله بالوحى الصحيح المصدق لما قبله، أو فهو عدو لى وأنا عدو له، كما قال { من كان عدوا لله وملائكته.

. } إلخ ناب عنه التعليل، أى لأنه نزله على قلبك وحيا صحيحا يقينا، ويجوز أن تكون جملة أنه نزله على قلبك هى الجواب على معنى قولك فإن السبب فى عداوته أنه نزل عليك. { بإذن الله } بأمره أو بتيسيره، وقيل بعلمه متعلق بنزل أو بمحذوف حال من هاء نزله، أو من فاعل نزل المستتر إذا أعيد إلى جبريل، وإذا أعيد إلى الله سبحانه وتعالى فذكر لفظ الجلالة هنا من وضع الظاهر موضع المضمر لتلذيذه صلى الله عليه وسلم بذكر اسمه تعالى ولزيادة الإيضاح. { مصدقا } حال من هاء نزله، أو من فاعل نزل، والأول أولى لموافقته لسائر ما أشبه هذا من الآيات فى كون التصديق من أحوال القرآن. { لما بين يديه } أى لما وجد وصار كشئ بين يد إنسان وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب. { وهدى وبشرى } معطوفان على مصدقا أى وهاديا ومبشرا، أو ذا هدى وبشرى وهو نفس الهدى والبشرى مبالغة. والمعنى إرشاد. { للمؤمنين } إلى الأعمال الصالحات التى يترتب عليها الثواب، وتبشيرا لهم بثوابها إذا أتوا بها أو رشادا لهم إلى ما لم يعلموه من الأحكام الشرعية وأخبار القرون الماضية، وإلى زيادة الإيمان وتبشيرا لهم بحسن المآب، وللمؤمنين نعت لهدى وبشرى أو تنازعا فيه، وألف بشرى للتأنيث ولذا لم ينون كما نون هدى، ومضمون الهدى متقدم على مضمون التبشير وجود فقدم عليه لفظا ألا ترى أن ثبوت الجنة للإنسان بعد ثبوت عمله الصالح اتفقت أصحاب التفاسير أن اليهود قالت لجبريل عدونا، واختلفوا في كيفية ذلك.

" فقيل إن يهود فدك قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم نسألك عن أربعة أشياء فإن عرفتها اتبعناك؟ فسألوه عما حرم إسرائيل على نفسه؟ فقال لحوم الإبل وألبانها، وسألوه عن الشبه فى الولد؟ فقال إن علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه الأب، وإن علا ماء المرأة أشبهها "

وروى يشبه من غلب ماؤه،

" وسأله عن نومه؟ فقال تنام عينى ولا ينام قلبى، وسألوه عن من يجيئه من الملائكة؟ فقال جبريل. فقالوا هو عدونا لأنه ملك الحرب والشدائد والحدب، ولو كان الذى يجيئك ميكائيل ملك الرحمة والخصب والأمطار لاتبعناك ".

فنزل قوله عز وجل { قل من كان عدوا لجبريل } ، وقيل

Неизвестная страница