190

Химиян Зад

هميان الزاد إلى دار المعاد

Жанры

والخريف عبارة عن العام، لأنه بعض العام، وفى رواية عن أبى سعيد واد فى جهنم بين جبلين يهوى فيه الهاوى أربعين خريفا، وكذلك رواه غير الترمذى مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم أنه واد فى جهنم. ورواه ابن المنذر مرفوعا عن ابن مسعود، وروى سفيان الثورى وعطا ابن يسار أنه واد يجرى بفناء جهنم من صديد أهل النار، وروى عثمان بن عفان عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه جبل من جبال النار، وقول الخليل أنه شدة الشر هو فى معنى قول ابن عباس، ومعنى كونه لهم وهو واد أو جبل أن لهم فيه مكانا يعذبون فيه، وليسوا مختصين به، وأصله مصدر لا فعل له على المشهور، وقيل له فعل هو وال، ومعناه تحسر وهلك، وتقوله العرب لمن وقع فى هلكة، وقال أبو حيان لم يصح عن العرب فإنما سمى به الوادى أو الجبل المذكور، لأنه سبب وملزوم للهلاك والتحسر، وآلة العذاب، فهو مجاز مرسل، ويجوز إبقاؤه فى الآية على المصدرية وساغ الابتداء به مع أنه نكرة، لأنه جاء على طريقة الدعاء فى كلام العرب، وليس بدعاء حقيقة لأنه تعالى مالك كل شئ وقادر على كل شئ. { للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } فقط بدون أن تسبقهم كتابة من الله، أو من موسى ونحوه من الصادقين، فكان ما يكتبوه كذبا إذ لم يكن من الله لفظه ومعناه، ولا معناه والكتابة، ولو كانت لا تكون إلا باليد لكن لما أريد بذكر الأيدى التعبير عن أنهم كتبوا من عند أنفسهم لا صدقا، لم يكن ذكر الأيدى تأكيدا فى المعنى، لقوله { يكتبون } وأيضا قد يكون الإنسان كاتبا بغير يده بأن يأمر من يكتب، فاحترز عن هذا بقوله { بأيديهم } فليس تأكيدا، لأن ما احترز به عن المجاز ليس تأكيدا، ولو كان لو لم يحترز عنه لحمل الكلام على الحقيقة، وكتابه الحرام والأمر بها كلاهما لا يجوز. وأما الكتابة بالطابع فمن الكتابة باليد، لأن رسم حروفها، والمسح عليها بالمداد وتطبيق الورقة عليها باليد. وقال القاضى جار الله إن قوله بأيديهم تأكيد فى المعنى لقوله { يكتبون } ، مراعاة لكون الكتابة الحقيقة لا تكون إلا باليد وأظنهما غفلا عن كون الأيدى ذكرت عبارة عن كون مكتوبهم كذبا، ثم رأيت أن ابن السراج ذكر أن قوله بأيديهم كناية عن أنه من تلقائهم دون أن ينزل عليهم، والحمد لله والكتاب اسم لما يكتب فيه من نحو ورق وجلد، ولا يسمى كتابا إلا بعد أن يكتب فيه بعض الكتابة، وتسميته كتابا، قبل ذلك من مجاز الأول، فالآية من هذا المجاز، ويجوز أن يراد الحقيقة بأن سماه كتابا باعتبار ما يتحصل فيه أولا من ذكر، ثم ذكر لهم الويل لما يكتبونه فيه بعد من تحريف وكذب.

{ ثم يقولون } كاذبين. { هذا من عند الله } أى مضمون هذا التكاب من ألفاظ ومعان أو من معان هو من عند الله. { ليشتروا به } أى بذلك الكتاب الذى كتبوه. { ثمنا قليلا } عرضا من أعراض الدنيا كمأكول ومشروب ودنانير ودراهم ونحوها من الأموال، وكالجاه والشهرة والرشوة، فإن كل ما نالوه بذلك قليل بالنسبة إلى ما فاتهم به من النعيم الدائم، وما استوجبوه من العذاب الخالد، وليشتروا تعليل ليقولون وليكتبون ففيه تنازع، علمت الأحبار والرؤساء من اليهود لعنهم الله أنه إذا تحققت عند اليهود صفة النبى صلى الله عليه وسلم مالوا إليه، فتذهب رئاستهم وعطاياهم التى تعطيهم العامة، تعمدوا إلى صفته صلى الله عليه وسلم فكتبوا بدلها طويل أزرق العينين سبط الشعر، فكانوا إذا سألهم عامتهم قرءوا عليهم ما كتبوا، فيجدونه صلى الله عليه وسلم ليس كذلك فينكرون نبوته ورسالته. وذكر السدى أنهم كانوا يكتبون كتبا يبدلون فيها صفة النى صلى الله عليه وسلم ويبيعونها من الأعراب ويبثوها فى أتباعهم، ودخل فى الآية كل ما كتبوا من باطل كما بدلوا الرجم والجلد والتحميم { فويل لهم مما كتبت أيديهم } من الأكاذيب ومن التعليل، أى لأجل ما كتبت أيديهم أو للابتداء، أى يتحصل لهم مما كتبت أيديهم وكذا فى قوله { وويل لهم مما يكسبون } من الأثمان على ذلك والرشا وسائر معاصيهم.

[2.80]

{ وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } روى

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود من أبوكم؟ قالوا فلان، قال كذبتم أبوكم فلان، قالوا صدقت وبررت. قال من أهل النار؟ قالوا نكون فيها مدة ثم تخلفوننا فيها، قال كذبتم اخسئوا فيها فوالله لا نخلفكم فيها أبدا ".

وفى الحديث زيادة من أوله نسبتها ويأتى إن شاء الله تاما فى موضع. قال ابن زيد وغيره

" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود من أهل النار؟ فقالوا نحن ثم تخلفوننا فيها أنتم. فقال لهم كذبتم لقد علمتم أنا لا نخلفكم ".

فنزلت الآية، ونزل فى النبى صلى الله عليه وسلم ومن تبعه

والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون

والأيام المعدودة أيام الأسبوع سبعة أيام، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قالت اليهود مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنا نعذب بكل ألف سنة يوما، ثم ينقطع عنا العذاب بعد سبعة أيام. وكذا قال مجاهد. وقيل قالوا نمكث فى النار أربعين يوما مقدار الأيام التى عبدوا فيها العجل، وقيل زعموا أن الله عز وجل عتب عليهم فى أمر فأقسم ليعذبنا أربعين يوما تحله القسم، ويمكن الجمع بين ذلك الأمر الذى عتب عليهم فيه هو عبادة العجل، ثم رأيت الشيخ هودا رحمه الله ذكر ما يدل له والحمد لله إذ قال قال بعض المفسرين، قالت اليهود لن يدخلنا الله النار إلا تحلة القسم عدد الأيام التى عبدوا فيها العجل، فإذا انقضت تلك الأيام انقطع عنا العذاب والشر، ويمكن الجمع بين قول السبعة وقول الأربعين، بأن بعض اليهود قال سبعة، وبعضا قال أربعين، كما أشار إليه القاضى. قال الكلبى فإذا دخلوا النار لبثوا فيها لكل يوم من الأربعين التى زعموا سنة، فتلك أربعون سنة، ثم يقال لهم يا أعداء الله هذه الأيام قد مضت والأجل الذى قلتم وبقى الأبد لا تخرجون منها أبدا، فعند ذلك انقطع الرجاء وأيقنوا بالخلود فى النار، ومعنى { لن تمسنا } لن تصيبنا، ومعنى المس اتصال الشئ بالشئ بحيث لا يبقى شئ من الهواء بينهما، وهدا على عمومه، وإن قيل يختص بأن يكون من الحيوان إلى آخر أو إلى غيره فيقال إيصال الحيوان جسمه بشئ سواء تأثرت الحاسة به أم لم تتأثر مثل المس بالشعر، فإن الشعر لا يدرك الحس، واللمس يطلق كالمس، ويطلق بمعنى طلب المس، يقال لمسه والتمسه فلم يجده أو فوجده أى طلبه فوجده، وأشاروا، بكون الأيام معددة إلى قلتها كما يشار إلى الكثرة بقولك لا يحصى، ولو أمكن إحصاؤه وإنما نعت أياما بمفرد مؤنث لأنها فى معنى الجماعة، وذكر الرضى أن جمع القلة بمنزلة المفرد وأيام بوزن أفعال جمع قلة، ولذا وصف هنا بالمفرد، ووصف به المفرد فى قوله

Неизвестная страница