(٠٠٨ - ٨١١)
ب ح ح م
البحتري، أبو عبادة الوليد بن عبيد، ٢٠٦ - ٢٨٤ هـ
الحماسة/ لأبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري، اختاره من أشعار العرب للفتح بن خاقان معارضة لكتاب الحماسة الذي ألفه أبو تمام حبيب بن أوس رواية أبي العباس بن أحمد بن المعروف بابن أبي خالد الأحول عن أبيه عن البحتري، تحقيق محمَّد إبراهيم حور، أحمد محمَّد عبيد -ط أ- أبو ظبي. هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث. المجمع الثقافي ٢٠٠٧.
٧١٦ ص: ٢٤ سم.
بيليوجرافية: ص ٦٩٣ - ٧١٥
يشتمل على كشافات.
١ - الشعر العربي- مختارات.
٢ - شعر الحماسة.
أ- محمَّد إبراهيم حور، محقق.
ب- أحمد محمَّد عبيد، محقق.
ج- أبو تمام، حبيب بن أوس، ١٨٨ - ٢٣١ هـ. الحماسة.
حقوق الطبع محفوظة
هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث
المجمع الثقافي
Abu Dhabi Authority
for Culture & Heritage
Cultural Foundation
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
أبو ظبي- الإمارات العربية المتحدة
ص ب: ٢٣٨٠ - هاتف: ٠٠٩٧١٢٦٢١٥٣٠٠
[email protected]
www.cultural.org.ae
الآراء الواردة في هذا الكتاب لا تعبر بالضرورة عن رأي هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث- المجمع الثقافي
1 / 2
الحَماسَة لأبي عُبادة الوَليد بن عُبَيدٍ البُحتري
1 / 3
الحَماسَة لأبي عُبَادة الوَليد بن عُبَيد البُحتري (ت ٢٨٤ هـ)
اختاره من أشعار العرب للفتح بن خاقان معارضةً لكتاب الحماسة الذي ألفه أبو تمام حبيب بن أوس رحمهما الله وعفا عنهما
رواية أبي العباس أحمد بن المعروف بابن أبي خالد الأحول عن أبيه عن البحتري، ﵀
تحقيق
د. محمَّد إبراهيم حُوَّر
أحمد محمد عبيد
1 / 4
المقدمة
١
تعدُّ حماسة البحتري مصدرًا مهمًا من مصادر التراث الأدبي عند العرب، بما اشتملت عليه من مادة شعرية نادرة لم تتوافر إِلا فيها، وما حُشد فيها من أسماء شعراء لم نعرف كثيرًا منهم إلا من خلالها، وبالمنهج الذي اتبعه البحتري في الاختيار والتبويب الذي انفرد به بين أصحاب الاختيارات الشعرية.
وتأتي حماسة البحتري في المرتبة الخامسة من حيث الترتيب الزمني بين أصحاب الاختيارات الشعرية: ما اصطُلح عليه بـ "معلقات العرب"، والمفضليات، والأصمعيات، وحماسة أبي تمام، ثم حماسة البحتري. وقد اتجه أصحاب هذه الاختيارات جميعًا للشعر العربي في العصر الجاهلي أولًا، وللشعر الإِسلامي والأموي بعد ذلك.
وفي إِطار كتب الحماسة تأتي حماسة صاحبنا في المرتبة الثانية من حيث الترتيب الزمني، بعد حماسة أبي تمام.
ونحن نعلم أن البحتري يعترف بأستاذية أبي تمام له في الشعر، لكنها أستاذية تخرج من دائرة التقليد إلى الإبداع، فكان مخالفًا له في الأسلوب والمنهج، حتى باتا يمثل كل منهما اتجاهًا فنيًا في الشعر مغايرًا للآخر. وحين صنف أبو تمام حماسته، لحظنا البحتري يحذو حذوه، فيصنف حماسته، فيلتقيان في الفكرة، ويختلفان -مرة أخرى- في المنهج. ولا يكاد يجمع بينهما إِلا العنوان، ويفترقان -بعد ذلك- في كل شيء.
لقد ذاع صيت أبي تمام في الشعر، وعده النقاد رائدًا للتجديد في الشعر العربي، وشكل محطة رئيسية، نتوقف عندها، ولا يمكن تجاوزها في دراستنا للشعر العربي ومظاهر التطور والتجديد فيه. ولهذا شُرح ديوانه غيره مرة، وكان
1 / 5
كذلك رائدًا في الاختيارات الشعرية على أساس منهجي، شدَّ الشَّراح إِليه وإِلى صنيعه فشرحوا حماسته.
أما البحتري فلم يكن كذلك -في نظر القدامى على الأقل- فلم يُشرح ديوانه، ولم تذع حماسته، ناهيك عن أن تشرح. ووصل الأمر إلى أن نجد من يشكك في نسبة الحماسة للبحتري مثل البغدادي في خزانة الأدب حين قال: "ولم نسمع للبحتري حماسة". ولا نعرف أحدًا من القدامى شك في حماسة البحتري، أو في نسبتها إِليه.
ولا ندري كيف تأتَّى للبغدادي هذا الحكم، وهو صاحب المكتبة الغنية، والاطلاع الواسع. وإِن من ترجموا للبحتري ممن سبقوه عدوا الحماسة من آثاره، ولم يشككوا فيها. من أمثال ياقوت الحموي في معجم الأدباء، وابن خلكان في وفيات الأعيان.
ولعل السبب في ذلك، يعود إلى البساطة التي تمتع بها صاحبنا في شعره وحماسته. إذ كان شاعر الطبع في شعره، وكان معنيًا بالمعنى في حماسته. وإن هذا وذاك لم يشغلا الشراح الذين كانوا مولعين باللفظ الغريب، والمعنى المستغلق، وهما ألصق بأبي تمام شعرًا وحماسة، منهما بالبحتري شعرًا وحماسة أيضًا.
وإذا كان لأبي تمام فضل الريادة في الاختيار والمنهج، فإن البحتري كان له فضل الاستقلال في المنهج، والغزارة في المادة. ويمكننا أن نجمل خصائص منهجه فيما يلي:
- قامت حماسة أبي تمام على مبدأ الأغراض الشعرية، في الوقت الذي قامت حماسة البحتري على المعاني الشعرية.
1 / 6
- قامت حماسة أبى تمام على الإجمال في الأغراض، فحصرتها في عشرة أبواب، بينما كان البحتري معنيًا بالتفصيل الدقيق الذي أوصل حماسته إلى مائة وأربعة وسبعين بابًا.
- كشف البحتري عن قدرة فائقة في تقصي المعاني الشعرية والتمييز بينهما.
- إذا كان البحتري قد سهل للقاريء الحصول على المعنى الذي يريده، فإِنه بالمقابل فتت القصيدة الواحدة، وأساء إلى ما تتمتع به من وحدة نفسية، وسياق منسجم.
- غلب على أبواب الحماسة طابع الجد والوقار والعظة، فخلت من معان كثيرة توافرت في الشعر العربي، كالغزل واللهو ....
- كان شعراؤها محصورين في الجاهلية والإسلام والعصر الأموي، باستثناء بشار ابن برد، ومطيع بن إياس، وصالح بن عبد القدوس ممن أدركوا العصر العباسي.
- كان أساس الاختيار هو المعنى الذي ينسجم مع عنوان الباب الذي يحدده، بغض النظر عن القيمة الفنية له، ولهدا لحظناه يكثر من النماذج الشعرية لشعراء عنوا بالمعاني السامية، وقصروا فنيًّا، من أمثال صالح بن عبد القدوس، وعبد الرحمن بن حسان في ثابت.
- التزم في جميع الأبواب بالأساس المعنوي باستثناء الباب الأخير (١٧٤) الذي قام على أساس موضوعي في أشعار الرثاء عند النساء.
- انفردت حماسة البحتري بأشعار الرد في غيرها من المصادر.
٢
- كان عدد الشعراء في الحماسة (٦٣٠) شاعرًا، كثير منهم لم يردوا في غيرها.
1 / 7
طبعت الحماسة أربع طبعات:
الأولى بعناية الأب لويس شيخو عن المطبعة اليسوعية ببيروت عام ١٩١٠ م عن مخطوطة فريدة بمكتبة ليدن بهولندا. وقدم لها باللغة الفرنسية في أربع صفحات عرف بالكتاب وبمنهجه. وفيها تعليقات باللغة الفرنسية كذلك في آخر الكتاب. وملحق كبير يقع في (٢٣) صحفة بالحرف الصغير لإِصلاح الأغلاط التي وقعت في الكتاب، بالإِضافة إِلى فهرس بأسماء الشعراء. واشتمل الكتاب (١٤٥٤) مقطوعة.
وحرص شيخو على أن يكون النص مضبوطًا بالشكل، وبيّن بحر كل مقطوعة، ورقمها في الكتاب. إِلا أن ما يؤخذ على هذه الطبعة كثرة الأخطاء التي وردت فيها، وسقوط ثمان مقطوعات منها، بالإِضافة إِلى أوهام في أسماء الشعراء، وعدم تخريج الشعر.
وقد أعيد تصويرها بدار الكتاب العربي ببيروت عام ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٧ م.
والثانية بعناية كمال مصطفى عن المكتبة التجارية بالقاهرة عام ١٩٢٩ م، عن المخطوطة نفسمها. وقدم لها بمقدمة تحدث فيها عن حياة البحتري وشعره وجاء بنماذج من شعره، استغرقت تسع عشرة صفحة. وجاء صورتين للصفحة الأولى من المخطوط والصفحة رقم (٢٠١) منه.
واشتمل الكتاب على (١٤٤٥) مقطوعة، وفيه شرح لبعض المفردات، وملحق بفهرس للأبواب وما يؤخذ عليه: أوهام كثيرة في القراءة، وإغفال لنشرة شيخو، وسقوط سبع عشرة مقطوعة من الأصل وعدم تخريج الشعر.
أما الثالثة فأخرجها محمود رضوان ديوب عن دار الكتب العلمية ببيروت عام ١٤٢٠ هـ / ١٩٩٩ م، لم يشر فيها إِلى مصدره في إِخراج الكتاب، ولا إِلى مخطوطته، أو إِلى الطبعتين السابقتين.
1 / 8
في هذه الطبعة شروح لبعض المفردات، وتخريج لبعض النصوص من الكتب المتأخرة، ويبدو أنه اعتمد على طبعة شيخو؛ لأن الأخطاء هي هي، وعدد المقطوعات متقاربة، إذ بلغت فيها (١٤٥٣) مقطوعة.
أما الرابعة وهي آخر الطبعات وأحدثها فهي بتحقيق الدكتور عمر نبيل طريفي، وصدرت عن دار صادر عام ٢٠٠٢ م، أثناء قيامنا بتحقيق الحماسة، وفي الحقيقة كنا نأمل أن تسد هذه الطبعة فراغًا في ساحة تحقيق التراث، وهذا ما تبادر لنا من أول وهلة خاصة أنها قد صدرت في مجلدين قام فيهما الدكتور طريفي بشرح المفردات الواردة في النصوص وتخريج الأبيات من المظان، وقد أملنا أن تكون هذه الطبعة خالية من أخطاء الطبعات السابقة خاصة ما نعرفه من اجتهاد الدكتور طريفي في تحقيق كتاب المراثي لليزيدي وكتاب منتهى الطلب من أشعار العرب لابن المبارك ...
كنا نأمل ذلك، لكن الحقيقة شيء مغاير لذلك فقد أشعرنا بالحزن لأن هذه الطبعة لم تقدم جديدًا ولم تختلف عن سابقاتها سوى في الشرح المستفيض والتخريج، أما عدا ذلك فلا .. وإِن الأمانة تحتم علينا كشف بعض ما وقعت فيه طبعته من هنات تخفى على من لم يطلع على أصل حماسة البحتري المخطوط .. ونحن لا نغض هذا الرجل، فلعله فاضل في ذاته، لكن التحقيق أمانة قبل كل شيء ونحن مُساءلون عنه أمام الله ﷿ ثم أمام التاريخ وجمهرة الباحثين والمحققين والقراء، وما وجدناه في طبعة طريفي من هنات حتم علينا المضي قدمًا في طبعتنا هذه، وحتم علينا أكثر تعريف القُراء بما وجدناه في طبعة طريفي من إخلال بمنهج التحقيق كي لا نُتهم يومًا ما أننا نلقى الكلام على عواهنه، وأننا قد نغض الرجلَ حقه بسبب التنافس .. وحاشانا ذلك.
حوت طبعة طريفي جوانب من الإخلال بالتحقيق منها الوقوع في أكثر الأخطاء التي وقعت فيها طبعتا لويس شيخو وكمال مصطفى، وهذا ما سيلاحظه القاريء في
1 / 9
الحواشي، مما لم نقيده كله، وكذلك الأمر الأكبر أنه كان يتخذ من طبعة لويس شيخو أصلًا بدلًا من مخطوط الحماسة أحيانًا، كذلك تصرف في كثير من أسماء الشعراء ونصوصهم بالتغيير الذي لا داعي له، وليس من وُكد أهل التحقيق، بالإِضافة إِلى أخطاء في تراجم بعض الشعراء .. فمن الأخطاء التي وقعت فيها مطبوعة طريفي مقتفية نفس أخطاء طبعة شيخو سقوط أسماء قبائل الشعراء، مثل أحيحة بن الجلاح الأنصاري وعروة بن شراحيل التميمي [مخطوط ٢٦] حيث سقطت الأنصاري والتميمي من الطبعتين، والكميت بن معروف الأسدي [مخطوط ٢٨٣] وقد سقطت الأسدي من الطبعتين، وأوس بن حجر التميمي [مخطوط ٢٦٠] وسقطت التميمي منهما.
أو سقط في عناوين الأبواب، كما في الباب العشرين (فيما قيل فيمن يتهدد عدوه ويتوعده إِذا كان بعيدًا عنه فإِذا قرب منه خار وجبن) [المخطوط ٦٨] وقد سقطت (يتوعده) من الطبعات الثلاث.
والأدهى من ذلك حين إيهام القراء أن في الأصل المخطوط خطأ قام بتصويبه، لكننا نجد أن هذا الأصل ليس المخطوط بل هو طبعة شيخو، كما في قول عبد الله بن الأبرص الأسدي:
(وأمطُلُه العصرين حتى يملني ... ويرضى ببعض الدين في غير نائل)
وقال في الحاشية "في الأصل ضبطت (وأمْطِلُهُ) بالكسر، وهو خطأ صوبناه". وهذا مخالف للحقيقة؛ لأن اللفظة في [المخطوط رقم ٣٧٨] (وأمْطُله) بضم الطاء، والخطأ موجود في طبعة شيخو: (وأمطِله)، ومن ذلك (وقال عبيد الله بن الحر الجعفي) [طريفى ٢/ ٧٦] وفي حاشيته "وفي الأصل (عبد الله) وهو تصحيف صوبناه"، لكن الأصل صحيح وفيه (عبيد الله) [المخطوط رقم ٢٥٧].
ومنه (وقال جبار بن سلمى العامري) [طريفي ٢/ ٩١] وفي حاشيته "في الأصل"
1 / 10
(حيار) وهو تصحيف صوبناه" وهذا غريب؛ لأن الاسم قد ورد (جبار) دون تصحيف في المخطوط (٢٦٦) وغير ذلك كثير.
أو سقوط أبيات، مثل بيتين لأنس بن أبي أنس الليثي: [مخطوط ٣٧٣]:
واذكر العهد الذي عاهدتني ... وحديثا قلتَه في المجمعهْ
ليت من يسعى بسوء بيننا ... جنَّه الليلُ بأرضٍ مُسبعهْ
والبيتان الرابع والخامس في مقطوعة من خمسة أبيات كما في الأصل، وقد سقطا من الطبعتين، وكذلك عشرات الأخطاء التي وقع فيها لويس شيخو، وجاءت في مطبوعة طريفي حذو النعل بالنعل، مما تكرر في أكثر حواشي الكتاب، ومن أمثلة ذلك قول معروف بن عمرو الطائي:
إذا كان في نفس ابن عمك حاجة ... فلا تستثرها، سوف يبدو دفينها
[المخطوط ٣٥]
وفي الطبعات الثلاث "تستشر ما" ..، وقول عبيد الله بن الحر الجعفي:
ما زلت أنفي الخسف عني وأحتمي ... وبعضهم إن سيم بالخسف مبلس
[مخطوط ٣٨]، وهو في [طريفي وشيخو]: ملبس.
وقول الحارث بن حصين الكلبي:
آليت لا أعطيك قسرًا ظلامةً ... ولا طائعًا ما نقلت رجْلها قدمْ
[المخطوط ٤٦]، وفي [طريفي وشيخو]: ما قَدمت ..
والذي لا شك فيه أن لويس شيخو قد تصرف في كثير من النصوص بالحذف والتغيير دون وازع، وقد تابعه طريفي في أكثر هذه الأخطاء التي هي أكثر من أن تحصيها هذه المقدمة؛ إذ هي بحاجة إِلى بحث مستقل فيها ..
1 / 11
أما بالنسبة للتصرف في أسماء الشعراء فهو موجود، والملاحظ أن المخطوط قد وردت فيها أخطاء في أسماء بعض الشعراء (عطاف بن وبرة العذري) والصواب: (عطاف بن شعفرة الكلبي)، أو (أسماء بن خارجة المرادي الفزاري) وهو فزاري غير مرادي .. وغير ذلك، ولعل الصواب أن يبقى المحقق على ذلك دون تغيير طالما أنه لا يوجد مخطوط آخر للكتاب، مع الإِشارة إِلى الصواب في الحاشية، وقد يتدخل المحقق إِذا كان الاسم مصحفًا، مثل (الأشعر الجعفي) والصواب: (الأسعر الجعفي)، و(مرداس بن أمية) والصواب: (مرداس بن أدية) ... لكن من غير المقبول تغيير اسم الشاعر، أو إِضافة اسم خاطيء له، فمن ذلك (جهمة بن عوف الدوسي) [المخطوط ٢٩٩] وفوقها في الأصل (حممة ... الأزدي) بينا في [طريفي ٢/ ١٣٨]: ([كعب] بن حممة بن عوف الأزدي)، واعتمادًا منه على كتاب المعمرين ٢٩ الذي ذكر أن اسمه كعب أو عمرو بن حممة الدوسي .. وفي نظرنا فإِن هذا تصرف في غير مكانه؛ لأن اسم الشاعر -كما في الحماسة- مع أبياته موجود في الإِصابة ١/ ٥٤١، ... وقد نسبت أبياته أيضًا لعمرو بن حممة في معجم الشعراء ١٧، ولطائف الأخبار ٤٤، ولعامر بن الظرب العدواني في مجمع الأمثال ١/ ٦٤، ولم يخرجها طريفي إِلا من المعمرين، رغم اجتهاده في التخريج. ومن ذلك (عباد بن عمرو التغلبي) [المخطوط] وهو عند طريفي (عباد بن [عبد] عمرو التغلبي) متابعًا في ذلك طبعة شيخو، والصواب ما في المخطوط، لأنه (عباد بن عمرو بن كلثوم)، ومن شعراء الحماسة أيضًا: عباد بن عبد عمرو.
كما سقطت من المخطوط أسماء بعض الشعراء مع بقاء مقطوعاتهم، ولعل الصواب إِثبات المقطوعة غفلا من قائلها كما في الأصل، مع الإِشارة في الحاشية إِلى من نسبت إِليه، بينا وضع طريفي اسم الشاعر الذي نسبت إِليه في المتن ..
ومن ذلك في المخطوط (وقال آخر) بينا عند طريفي وقال [علي بن أبي طالب]، وفي حاشيته رقم ١: "في الأصل: (آخر) والبيتان مع ثالث في ديوان الإِمام علي ص ١١٣، وهما في العقد الفريد قالهما لما دفن فاطمة الزهراء .. " ولعل
1 / 12
التثبت من نسبة البيتين له أمر مطلوب لأنه قد نسب الكثير للإِمام علي كرم الله وجهه مما ليس له، وجاء في العقد الفريد أن عليًّا -كرم الله وجهه- بعد ما دفن السيدة فاطمة ﵂ (تمثل عند قبرها) بالأبيات.
ومن الأخطاء في التراجم: (وقال ابن غزالة السكوني) وفي حاشيته "أبو غزالة السكوني، من بني شيبان، أحد شعراء الوحشيات" والمعروف أنه ربيعة بن غزالة السكوني الكندي، وكان نازلًا في بني شيبان، وشهد عندهم وقعة ذي قار.
ومنه (وقال هناءة بن مالك الأزدي) [طريفي ٢/ ١٥٣] في حاشيته (هو هناءة ابن مالك بن فهم بن غنم بن دوس؛ ولاه المنصور البحرين والبصرة ... وقتله رجل من ربيعة، فتك به في جامع البصرة بحضرة الناس) .. وشتان بين هناءة بن مالك الذي ربما عاش في أواخر القرن الثالث الميلادي، وبين عقبة بن سلم الهنائي -المقصود بالحاشية- الذي قتل أيام المنصور ..
إِن ما سقناه من أمثلة غيض من فيض يستحق أن يكتب فيها بحث مفصل كي لا يثقل مقدمتنا لكتاب الحماسة، ولم نسقه تقليلًا لجهد الدكتور محمد نبيل طريفي الذي اجتهد في التخريج والشرح، لكنه ابتعد بالكتاب بعيدًا عن روح التحقيق، فجاءت طبعته نسخة من طبعة لويس شيخو بما فيها من أخطاء ما كان يجب أن يقع فيها ...
بين حماسة البحتري وبين التذكرة الحمدونية ومجموعة المعاني:
يوجد كتابان نقلا عن الحماسة كما كبيرًا من الشعر الموجود فيه، هما التذكرة الحمدونية ومجموعة المعاني، حب نجد تشابهًا في أبواب منه خاصة في مجموعة المعاني، مع استشهاد التذكرة بأشعار من الحماسة في المعاني الواردة في التذكرة، بل إِن صاحب التذكرة قد نقل نصًّا من الحماسة غير موجود فيها، ذكرناه في موضعه ... وقد نقل هذان الكتابان من الحماسة كثيرًا، بل إِن تسلسل ترتيب الشعراء في الموضوع الواحد في الكتابين يتماثل مع الحماسة إِلى حد كبير، وفي بعض الأحيان يكون النقل
1 / 13
في الموضوع الواحد في الكتابين جامعًا عدة نقول متفرقة من معان تشترك في موضوع واحد .. وسيجد القاريء كثرة اعتمادنا على هذين الكتابين في تخريج الكثير من الشعر الذي لم نجده إِلا في هذين الكتابين اللذين نقلاه عن الحماسة كما هو واضح ..
مخطوطة الحماسة:
لحماسة البحتري مخطوط وحيد محفوظ في مكتبة جامعة ليدن، لا نعلم له ثانيًا في مكتبات العالم، وعليه اعتمد ناشرو الحماسة، وهو بخط جيد مقروء، لا يخلو من التصحيف وأخطاء الناسخ أحيانًا مع أخطاء في نسبة بعض الشعراء إلى قبائلهم، وثمة تصحيح على حاشية الكتاب لبعض كلماته -وقد أشرنا إليه في موضعه، كذلك في تصويب بعض الأخطاء الواردة في المخطوطة.
٣
كان عملنا في التحقيق على الوجه التالي:
- كانت مخطوطة مكتبد ليدن هي المصدر الأول في التحقيق ورمزنا لها بالأصل.
- جعلنا طبعات شيخو ومصطفى وطريفي مصادر ثانوية أثبتنا الفروق بينها وبين الأصل في الحاشية ليتضح الفرق في العمل، ورمزنا لطبعة لويس شيخو بـ "شيخو"، ولطبعة كمال مصطفى بـ "مصطفى"، ولطبعة محمد طريفي بـ "طريفي".
- خرّجنا الشعر من المصادر الأساسية، فإن وجد للشاعر ديوان، أو جمع شعره، أحلنا على الديوان أو على الشعر حسب. وإلا فقد أحلنا على أقدم المصادر.
- ضبطنا النصوص بالشكل.
- بَيِّنا بحر كل مقطوعة.
1 / 14
- وصلت مقطوعات الحماسة عندنا إِلى (١٤٦٢) مقطوعة وهي المقطوعات المثبتة في المخطوطة.
- صنعنا الفهارس الضرورية: للقوافي، والشعراء، والمواضع والأيام والأشعار والأرجار والمصادر والمراجع.
إِن نشر عيون التراث العربي، مسؤولية منوطة بالمؤسسات الثقافية المعنية، وإِن تحقيق هذا التراث أمانة في رقاب المهتمين به، وإن من تمام الشكر تبيين فضل هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث "المجمع الثقافي" في نشر التراث العربي، إِيمانًا من القائمين عليه بواجب إِخراج تراث أمتنا للأجيال، فلهذه المؤسسة الكريمة وغيرها من المؤسسات -التي أخذت هذه المهمة على عاتقها- كل الشكر والتقدير، ولله الفضل أولًا وآخرًا.
وبالله التوفيق.
المحققان
٩/ ٣/ ٢٠٠٦
1 / 15
نماذج من المخطوط
الصفحة الأولى من المخطوط
1 / 17
الصفحة ١٨ من المخطوط. وبها تبدأ أبواب الكتاب
1 / 18
الصفحة الأخيرة من المخطوط
1 / 19
النص المحقق
1 / 21
بسم الله الرحمن الرّحيم
اللهمَّ عونَك
الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتَّقين ولا عُدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على سيِّدنا محمد خاتم النبيّين وعلى آلهِ الطّيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجَبين وأزواجه أمَّهات المؤمنين وسلَّم وكرّم.
هذا كتاب الحماسة لأبي عُبادة الوليد بن عُبَيْد البُحْتُرِي عفا الله عنهُ، وعدد أبوابه مائة باب وأربعة وسبعون بابًا:
الباب الأول: فيما قيل في حمل النفس على المكروه.
الباب الثاني: فيما قيل في الفتك.
الباب الثالث: فيما قيل في الإصحار للأعداء.
الباب الرابع: فيما قيل في مجاملة الأعداء.
الباب الخامس: فيما قيل في الإطراق حتى تمكن الفرصة.
الباب السادس: فيما قيل في بقاء الإحْنة ونموّ الحقد وإن طال عليهما الزمان.
الباب السابع: فيما قيل في الأنَفِ والامتناع من الضَيْم والخَسْف.
الباب الثامن: فيما قيل في ركوب الموت خشية العار.
الباب التاسع: فيما قيل في الاستسلام والإغضاء على الذلّ.
1 / 23
الباب الأول فيما قِيلَ في حَمل النفس على المكروهِ عند الحرب
(١)
قَال عَمْرُو بنُ الإِطنَابَةِ الخَزْرَجيُّ: ... [الوافر]
١ - أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى إِبَّائِي ... وَأَخْذِي الحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
٢ - وَإِعْطائِي عَلَى المَعْسُورِ مَالِي ... وَضَرْبِي هَامَةَ البَطلِ المُشِيحِ
٣ - وَقَوْلِي كُلَّما جَشَأَتْ وجَاشَتْ ... مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي
٤ - لأَدفعَ عنْ مَكَارِمَ صَالِحَاتِ ... وَأَحْمِي بَعْدُ عَنْ عِرْضٍ صَحِيحِ
(٢)
وَقَالَ عَمْروُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ: ... (الطويل)
١ - وَقَفْتُ كَأَنِّي لِلرِّمَاحِ دَرِيَّةٌ ... أُقَاتِلُ عَنْ أَحْسَابِ جَرْمٍ وَفَرَّتِ
٢ - وَجَاشَتْ إِلَيَّ النَّفْسُ أَوَّلَ مَرَةٍ ... فَرُدَّتْ عَلَى مَكْرُوهِهَا فَاسْتَقَرَّتِ
1 / 39