قال: «إنها دعابة من دعابات الزن، دعابة «من الذي يريد أن يعرف؟» فلا يوجد شخص، ولا ذات.» عبست ديانا فأضاف: «ليست مضحكة؟ حسنا، كان عليك أن تكوني هناك.» ثم ضحك مجددا لفترة قصيرة. ثم قال: «الدعابة نفسها.» ثم تغير تعبير وجهه وصار جادا وقال: «أعتقد أنه مشروع صعب للغاية، ربما مستحيل ... ربما غير مرغوب فيه.» «أفهم أنه صعب أو مستحيل. لكن غير مرغوب فيه؟ هل تتحدث عن الخطر أم عني؟ يبدو أن ألف تعتقد أنه جدير بالإهمال.» «كلا، رغم أنني أقلق بشأنك، فإنك قد اخترت هذا بنفسك، ويجب أن أحترم اختيارك.» «ماذا إذن؟ لا أفهم.»
قال توشي: «دعيني أحكي لك حكاية.» ثم جلس على مقعد خشبي ورنا ببصره إليها وقال: «ذات مرة، منذ زمن بعيد، كان هناك راهب ياباني يدعى سايجيو، وكان لديه صديق يستمتع بالحوار معه ويسر لحكمته. غير أن هذا الصديق تركه وذهب إلى العاصمة، وشعر سايجيو بالحزن لهذه الوحدة؛ لذا قرر أن يصنع لنفسه صديقا جديدا، وذهب إلى مكان تتناثر فيه جثامين الموتى، وأخد يجمع شيئا - شديد الشبه برجل - وبث فيه القدرة على الحركة - شيئا شديد الشبه بالحياة - بالاستعانة بتعويذات سحرية. ومع ذلك فقد كان الشيء الذي صنعه مخيفا وقبيحا، وكان يحاكي البشر على نحو شديد السوء. لذا التمس سايجيو نصيحة راهب آخر، ساحر أعظم منه، وأخبره الراهب أنه نجح في صنع العديد من هذه النسخ المقلدة من قبل، وأن بعضهم شهير وذو نفوذ لدرجة أن سايجيو سيصاب بالذهول حين يعرف أنهم كذلك. ثم استمع الراهب الآخر إلى ما فعله سايجيو وأخبره بالعديد من الأخطاء في التقنيات التي استخدمها، والتي جعلت عمله يفشل. وهكذا آمن سايجيو أن بمقدوره صنع نسخة محاكية لرجل، لكنه غير رأيه.» ثم توقف عن الحديث وابتسم.
سألته: «هذا كل ما في الأمر؟» أومأ بالإيجاب. فقالت: «ضع بعضا من صواعق البرق في القصة وستكون لديك قصة فرانكنشتاين. والنهاية ليست واضحة إطلاقا.» «أعتقد أن القصة غامضة، مثلها مثل مشروعك.» «أيمكنني أن أقول لا يا توشي؟» «كلا، وإن كنت غير واثق أيضا أنه ينبغي عليك أن تقولي نعم.» «لكنك أنت من اتصلت بي، أنت من طلب مني المجيء إلى هنا.» «هذا صحيح. فأنا مثلك، حائر بين نعم ولا.» •••
بعد انصراف ديانا بساعات، جلس توشي طافيا في الهواء، في غرفة جاذبية منعدمة في بوابة هالو الصفرية. كان قد قام بضبط لون الغرفة الدائرية على اللون الوردي الهادئ، اللون المهدئ للبشر.
على الأرض، كانت ممارسة طقس التأمل الجالس، أو الزازين، تتطلب الجلوس على منصة ساكنة، بينما تضغطك الجاذبية على الأرض نفسها، وكان عمودك الفقري مستقيما في وضع عمودي على منصة الجلوس، بمحاذاة قوة الجاذبية التي تدفع إلى الأسفل. هنا يمكنك فعل هذا، أو كما قال أحد المرشدين الزائرين «يمكنك أن تجد مكانا لا يوجد فيه وهم الأعلى أو الأسفل؛ حيث يتعين عليك أن تجد اتجاهك.»
جلس توشي طافيا في الهواء في وضعية اللوتس، في سكون تام، وهو ينظر إلى أسفل. لم تكن عيناه تركزان على ما أمامهما في اللحظة الآنية بينما تيارات الهواء الضعيفة تحركه، بل كانتا تركزان على لا شيء.
فالعينان، ذلك الجزء الحساس من الدماغ، كانتا تمتدان عبر ملايين الأعوام الماضية في التاريخ السحيق للبشر، وكانتا حساستين للضوء وللتوجيه ... أما العينان الآن فموجهتان إلى لا شيء، وتقودان الدماغ الذي كان يسعى إلى لا شيء.
لم يكن يعلم بعد إجابة المعضلة التي طرحتها الحياة أمامه. أينبغي على ديانا أن تحفظ حياة جيري؟ أينبغي على ديانا ألا تحفظ حياة جيري؟ أكان من المفترض به أن يكون الوسيط الذي يطرح عليها هذين السؤالين؟ أكان من المفترض به ألا يكون الوسيط الذي يطرح عليها هذين السؤالين؟
إذا أجبت بنعم أو لا فستفقد طبيعة بوذا بداخلك. هذا هو مكمن صعوبة المعضلة.
سيظل موجودا داخل الفقاعة، يمارس طقس التأمل بقدر ما يستلزم الأمر. إلى أن تصير المعضلة أوضح ... «هل ستعيش هنا؟» نفس زائفة، عقل زائف. إذا لزم الأمر فسأموت هنا، هكذا أجاب توشي، من دون كلمات، فقط عبر شجاعته وتصميمه. كانت نفسه خائفة، وظلت ساكنة في الوقت الحالي، أما عقله فكان متحيرا، ويتذمر. •••
Неизвестная страница