كان المكوك الأبيض واقفا على فتحة الإشعال التي تبدو ضعيفة، والتي تشبه شبكة عنكبوتية من المعدن الأسود. كان سطح المكوك الأملس يقي من الحرارة والضغط الخاصين بالإفلات من الجاذبية ومعاودة الدخول عبر الغلاف الجوي. وكانت تحيط به دفقات متقطعة من البخار المنبعث من المحرك.
وقف أحد ضباط «المفوضية العليا المتحدة» أمام مدخل منصة التوصيل، وتحقق من هويتيهما عن طريق تمرير عصا ماسحة للهوية عبر شارتيهما، ثم أجاز لهما المرور إلى جهاز المسح. رفعتهما منصة التوصيل في صمت إلى الجزء الداخلي من المكوك. •••
كانت ردهة الفندق تقع في منتصف المسافة إلى أعلى الجرف، وكانت نافذتها البالغ عرضها خمسين مترا من الزجاج السميك تبرز إلى الخارج والأعلى بحيث تتيح للمشاهدين إلقاء نظرة جيدة على عملية الإطلاق وما يعقبها من صعود.
قال صوت منبعث من السماعة: «دقيقة واحدة على الإطلاق.» كان الأشخاص الموجودون في الردهة، والبالغ عددهم مائة أو نحو ذلك، وأغلبهم من أصدقاء ركاب المكوك أو أقربائهم؛ قد اتخذوا مواقعهم بالفعل بجانب النافذة.
أظهرت شاشة معلقة على جدار جانبي العد التنازلي بأرقام ذهبية كانت تومض من حجم صغير إلى كبير، وبدا الاحتفال التقليدي مفعما بالمشاعر ومثيرا للسخرية في الوقت ذاته:
10،9،8،7،6،5،4،3،2،1.
صفر! وأخذ الجميع يهللون بينما أخذ المكوك يرتفع من مركز سحابة كثيفة من الدخان، وصعد ببطء مبتعدا عن الضوء الغامر، وقد احتبست أنفاسهم من ضخامة حجمه وجماله، وهو يشق طريقه في سماء الليل.
شاهدوه وهو يرتفع أعلى وأعلى، إلى أن رأوا ومضة الاشتعال، ثم زلزل الدوي الذي أتاهم من على مسافة خمسة آلاف قدم الجرف كله وزلزلهم معه. •••
قال كمبيوتر الرحلة الرئيسي: «نحن في المسار المحدد إلى المدار.» أجرت خمسة كمبيوترات أرى حساباتها وأكدت صحة سلاسل التوجيه الخاصة به. من المفترض نظريا أن تكون السيطرة للمراقبة الأرضية في مطار مكاليف أو لعمليات الطيران في محطة أثينا، لكن من الناحية العملية كانت القرارات وعمليات التوجيه تتم في غضون أجزاء من الملي ثانية أو أقل من هذا، ومن ثم تعين أن تكون كمبيوترات الرحلة جاهزة في كل الأحوال.
بل إن كمبيوترات المكوك البالغ عددها ستة، والتي لا تطفأ مطلقا، كانت تعمل حين لا يطير المكوك؛ إذ تنشغل بدراسة سيناريوهات مروعة وبعيدة الاحتمال متعلقة بفشل الآلات أو الجنون البشري أو «العوامل القدرية» التي يضرب فيها المكوك بصاعقة برق أو يدخل في قلب إعصار جامح أو زوبعة أو عاصفة ثلجية. كان كل كمبيوتر منها يرى نفسه الأفضل، لكن لم يكن ثمة فارق كبير بينها.
Неизвестная страница