Халладж
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Жанры
5
أي إن الحلاج قد انتقل بأسرته وخدمه ومعارفه إلى دار الخلافة.
أصبح الحلاج سيدا مطاعا مرهوبا، عالي المكانة، مسموع الصوت، في قصر الخليفة.
وغدت والدة الخليفة المقتدر، السيدة شغب بسلطانها وجلالها ونفوذها، من أخلص تلاميذ الحلاج المؤمنين به، المدافعين عنه.
ومشى كثير من الوزراء والقواد والأمراء في موكبه، وحفوا به في مجالسه، واعتنقوا منهجه، إما عن اقتناع به، وإما افتتانا بشخصيته الساحرة، وإما تزلفا وتقربا لرجل، أصبحت الأسرة الحاكمة ترعاه وتجله، وتؤمن به وتقدره.
وامتلأ قصر الخليفة الكبير، بالحديث عن كراماته وآياته، وما تصنع يداه من عجائب وغرائب، تكاد ترتفع فوق الكرامات والآيات .
وأسرف الناس كعادتهم في هذا الحديث، ولونوه ووشوه، وأضافوا إليه وزادوا فيه، حتى غدا الحلاج أكثر من أسطورة، وأكبر من ولي، في أفق بغداد، وسماء العراق.
وملأت الهمسات الملونة، أندية بغداد ومساجدها، وفقد خصوم الحلاج أعصابهم، فقد رأوا غريمهم، يرتفع شاهقا فوق هاماتهم، فراحوا يملئون الدنيا صياحا غاضبا مجنونا، حول الحلاج، الدعي الساحر الدجال حينا، وحينا تتناول الصيحات المرعدة، عقيدته الإيمانية، فترميه وتصفه، بالكفر والفسوق، والاتحاد والحلول!
والحلاج في آفاقه بعيدا بعيدا عن هذا الدوي، لقد ملكت عليه رسالته الإصلاحية أقطار تفكيره، وملك عليه حبه لربه، وجدانه وقلبه، فراح يجاهد في الميدانين، بما أثر عنه من حماس ملتهب، وبما عرف به من عزمات لا تلين.
ولكن الذي كان يمزق قلب الحلاج حقا، ويملأه بالأسى المرير هو موقف أحبابه وأساتذته وتلاميذه من الصوفية، من أبناء مدرسة الجنيد، لقد حاربوه في رسالته، وبارزوه العداوة في منهجه، وسلقوه بألسنة حداد في حبه وإيمانه.
Неизвестная страница