Так говорил Наср Абу Зайд

Джамал Кумар d. 1450 AH
87

Так говорил Наср Абу Зайд

هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن

Жанры

6

صدر الكتاب في مارس عام ألفين وثلاثة عشر، في العام الذي في العاشر من يوليو منه يكون عيد الميلاد السبعين لنصر أبو زيد كما وعدته قبلها بست سنوات، وبعد ثلاث سنوات من رحيله، وبعد عامين بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وفي ظل وصول تنظيم الإخوان المسلمين لحكم مصر. فشعرت بأن نفس الصراع الأيديولوجي ونفس التوظيف النفعي بين التيارات، بدأ يستخدم ويوظف الكتاب، ويستخدم اسم نصر أبو زيد والكلام عنه نفعيا.

فمن دار نشر الكتاب ذاتها؛ فمن تصميم الغلاف، حيث تم تصغير حجم كلمة «أنا» في الغلاف وتكبير كلمة «نصر أبو زيد»، فاسمه كبير ومشهور، وسينشر الكتاب ويجعله يبيع نسخا.

حضر حفل توقيع الكتاب في دار النشر بالقاهرة، أستاذ مخطوطات في جامعة لايدن بهولندا وزوجته، وكان يقوم بعمل مع دار الكتب المصرية، وأخبرني أنه التقط الكتاب منذ أسبوع، وأنه مستمتع به، وأنه كان يعرف نصر أبو زيد في لايدن، بل وأخبرني أنه سيكتب مقالا لمطبوعة هولندية عن الكتاب بالهولندية. وبالفعل فعل، وأرسل لي المقال الذي قمت بترجمته إلى الإنجليزية. ونقطته المحورية في التناول، هو كيف أن في ظل وصول جماعة الإخوان لسطح الحياة السياسية في مصر، يخرج كتاب كهذا عن نصر أبو زيد، الذي رحل عن مصر من قبل، وكيف أن إعطاء الفرصة لهذه الجماعات ممكن أن يبشر بتغيرها وبالحرية، وبالديمقراطية.

على الجانب الآخر، من يقاومون وصول المتدينين إلى السلطة يستخدمون الكتاب في استعادة قصة نصر أبو زيد، والاضطهاد الديني له والتفريق بينه وبين زوجته، وقوى الظلام التي فردت أجنحتها على الحياة بمصر، ويكون وخطابه حلقة مواجهة بين النور والظلام. ولأن الكتاب مكتوب من ضمير الأنا، تمت الكتابة عنه على أنه كتاب لنصر أبو زيد، عبارة عن حوار سجله معه جمال عمر، وحول التسجيلات إلى كلمات مكتوبة، فالكتاب هو سيرة ذاتية لنصر.

حين ينظر الصحفي الذي يقلب الكتاب فيرى أنه ليس به هوامش، ولا يرى صفحة بها مراجع ومصادر مرتبة بالطريقة التي تعود عليها، فيقرر أن النص سيرة ذاتية. فكان هذا هو الاختبار الذي يكشف لي من قرأ الكتاب ومن لم يقرأ، وأنه مجرد مر مرور الكرام على الكتاب، مهما طال أو قصر النص الذي كتبه عن الكتاب. وكثير من محرري صفحاتنا الثقافية بارعون في الكتابة عن كتب، كتابة العالم الخبير، من مجرد اطلاعهم على مقدمة الكتاب وعلى فقرة الجلد والفهرست، والبراعة الأكبر هي في النقل عن بعضهم البعض دون الإحالة.

7

كتاب «أنا نصر أبو زيد» مقدمة لدخول مدينة خطاب نصر أبو زيد لمن أراد. لكن هناك جهودا أخرى كثيرة تحتاج إلى أن تستكمل؛ فبعد ما يقرب من عقد من الزمان على رحيل نصر بجسده عن دنيانا، فلم يتم جمع نصوصه المنشورة بالعربي ولا ترجمة الإنجليزي منها إلى العربية وهو كثير؛ مما يحتاج إلى عمل منظم لإنجازه. وأنا هنا أتناول خطاب نصر أبو زيد كمثال، نحتاج أن نفعله في خطابنا الفكري والثقافي العام، على الأقل خلال القرنين الماضيين؛ لكي نكون أكثر إحاطة بواقعنا وبحياتنا، فليس هذا الجهد لشخص نصر أبو زيد، كفرد، بل هو نموذج ومثال أضربه، لعل أحدا يفعل مثله مع الكثير والكثير من مفكرينا ومع تياراتنا الفكرية ومعاركنا الفكرية والثقافية؛ لنكون على وعي بواقعنا به شيء من الشمول، وأن يكون مبنيا على المعرفة، وليس فقط على تركيبات أيديولوجية مختصرة ضيقة الأفق، نتائجها محددة قبل البدء في تركيبها. بل مهم حين نكون أيديولوجية لنتعامل بها مع واقعنا. والأيديولوجية هي نوع من التفكير المنظم، والمتحيز المتوجه نحو هدف مسبق، لكن الفارق بين أيديولوجية بمعنى سلبي وأيديولوجية بمعنى إيجابي، هو: هل تبنى الأيديولوجية على معرفة وعلى إدراك لحقائق ووعي بشروط الواقع وقوانين عمله، أم هي أيديولوجية مبنية على تمنيات وأحلام متوهمة وقدرات غير واقعية وغير فعلية؟ فتصبح أنساقا فكرية مخدرة للوعي، وينتج عنها إهدار للواقع ذاته؛ لأنه يظل على حاله، لعدم إدراك شروط وقوانين عمله وكيفية التعامل معها.

أقول إننا نحتاج لجهد كبير، والكتاب هو مقدمة له. فها هي خريطة لخطاب نصر أبو زيد، ما أطمح إليه في المستقبل أن تكون القائمة بكل ما كتب أبو زيد، وبحواراته الصحفية، وتسجيلاته الفيديو وتسجيلاته الصوتية، الخاص منها والعام مرتبة ترتيبا تاريخيا في قائمة، وموضوعة في سياقها في حياته وفي حياة خطابه، وتكون على موقع على النت، والباحثون في خطابه وعن خطابه يدخلون على الموقع، فيضغط القارئ على عنوان المقالة فيصل إليها، يضغط على عنوان تسجيل مناقشة رسالة الماجستير لنصر، فيصل إلى التسجيل ويستطيع أن يسمعه. فيستطيع المؤيد لخطابه ويستطيع المناقض لخطابه أن يصلا إلى الخطاب ذاته ويطلعا عليه، فيكون تأييدهم أو نقدهم مبنيا على معرفة، وليس فقط عبر نقل كلام آخرين يثقون فيهم، حيث تحولت حياتنا الثقافية إلى صراعات قبلية، قائمة على العصبية الثقافية، وأصبحت معاركنا الثقافية والفكرية مجرد سجالات كر وفر، وغنائم وأسرى فكريين.

أحاول أن أواجه حالة الأطلقة، وظاهرة اللاتاريخية، في فكرنا؛ سواء في تجربتنا التراثية أو في تجربتنا الحداثوية في القرنين الماضيين. أطلقة ولا تاريخية تتخفى وراءهما رؤية للعالم، تجعل من العالم مكونات متناثرة في الكون لا رابط خلفها، إلا قوة قاهرة جبارة نافذة لا راد لقضائها، يمكنها أن تتدخل في أي وقت وفي أي لحظة، ضاربة بأي قوانين عرض الحائط، وملقية بأي شروط للواقع، أو قوانينه الاجتماعية، أو السياسية أو الاقتصادية في طي النسيان. ونتيجة لذلك التصور عن الذات الإلهية وتصور علاقتها بالعالم، فلا وجود لقدرة البشر ولا دور للإنسان، ولا فاعلية حقيقية لقوانين يسير عليها الكون فيزيقيا أو تحكم حياة الطبيعة. وتصبح هذه القوانين ما هي إلا مناسبات لحدوث الفعل، لكنها ليست السبب أو حتى علة لحدوث الأفعال، وإن الفاعل الرئيسي وراء «الأسباب» هو قوة أكبر وأوسع من الأسباب ومن العلل، هذه الرؤية للعالم هي التي على مثالها قامت نظمنا السياسية في الحكم، التي تدور حول فرد أو مؤسسة، في قمة هرم السلطة، تتمركز في يديها كل السلطات. وتمثلت في أنساقنا الاجتماعية والاقتصادية، بل والثقافية، وفي القلب منها الدين. ولقد حاولت الإشارة إلى هذه المنظومة في دراسة لي «مدرسة القاهرة في نقد التراث والأشعرية دراسة علائقية».

Неизвестная страница