Так я был создан: длинная история
هكذا خلقت: قصة طويلة
Жанры
وسارعت إلى إجابته بقولي: «نعم يا بني، الدواء الناجع أن تنجبا أطفالا تشغل أنت وتشغل أمهم بهم، فيقسم حبك بينها وبينهم، وتخف بذلك غيرتك عليها، وتتجه جاذبيتها إليهم، فتقل عناية الرجال بالتقرب إليها.»
ونظر إلي الشاب في دهشة، وكأنما خيل إليه أني أمزح معه أو أسخر منه، وقال: «هذا اقتراح مفيد لعلاج طويل الأجل، وهو كذلك إذا افترضنا أن إنجاب الأطفال رهن مشيئتنا، إنما أريد دواء سريع المفعول للتغلب على الموقف الذي نقفه اليوم، ومحال أن يكون الانفصال بالطلاق هو هذا الدواء، فأنا أحب زوجتي، ولن أتيح لغيري فرصة الاستيلاء عليها برد حريتها إليها، وأنت يا أماه سيدة مجربة تعرفين ما لا نعرف، وتستطيعين أن تصفي الدواء السريع المفعول، فنحن في أشد الحاجة اليوم إليه.»
قلت: «هذا الدواء في يدك ولدي، وابنتي طوع بنانك إذا عالجتها وعالجت نفسك به؛ ذلك أن تجعل الحكم في غيرتك لعقلك لا لهواك، ولو أنك فعلت لأدركت أنك تبالغ في لوم زوجك على ذنب تعترف أنت بأنها لم تجنه، ثم لأدركت أن القدر وهبك سعادة تريد أن تدس إليها السم بدل أن تستمتع بها صافية سلسبيلا، أنت تلوم زوجك، بل تؤنبها، بل تعاقبها لأن الرجال يتملقونها أو ينظرون إليها مفتونين بجاذبية أسبغها عليها بارئها، وأنت مع ذلك تعلم أن هذه الجاذبية في ملكك أنت، أنت وحدك الذي تستمتع بها نهارك وليلك، في يقظتك وفي أحلام نومك، وأن نصيب غيرك منها لا يزيد على غبطتهم إياك أو حسدهم لك عليها.
أنت كمن يملك قصرا منيفا يقف عنده من يمرون به ويتمنون أن يكون لهم مثله، وهم لا يملكون إلى ذلك الوسيلة! أفتلوم أنت هذا القصر وتحاول هدمه؟ أم تزداد اعتزازا به وحمدا لله على أن جعله لك؟ هذا إلا أن تتهم زوجك في وفائها أو في عفافها، وذلك ما أعيذك وأعيذها بالله منه، فإن يكن ذلك ورددت الأمر إلى حكم عقلك ولم ترخ فيه العنان لهواك، استرحت وأرحت زوجك، وهيأت خير مكان للسعادة من بيتك. هذا دوائي الذي أقترحه أملته علي تجربة قاسية، أود ألا تعصف بحبكما تجربة مثلها.»
وأطرق زوج ابنتي هنيهة ثم قال: «إن منطقك دقيق يا أماه، وسأحاول جهدي أن أغالب غيرتي، لكني بحاجة إلى معاونة زوجي في هذه المحاولة.»
قلت: «فعد إلي يا بني ساعة الشاي، وإنني لعظيمة الرجاء أن تعود الحياة الزوجية بينكما مصدر هناء وسعادة.»
ودعوت ابنتي بعد انصرافه، وطالعتها بكل ما دار بيني وبين زوجها، وأعدت عليها ما ذكرته لها حين زارتني بالمدينة عن ذكاء الأنوثة وسلطانها، قالت: «أؤكد لك يا أماه أني أجهدت هذا الذكاء، وابتكرت لزوجي من حيله ما كدت أضيق ذرعا به، ألم أقل لك ونحن بالمدينة إن الرجل إذا بلغ حبه المرأة حد العبادة لم يكفه أن يملك منها قلبها وعقلها وذوقها وكل شيء في وجودها، وإن غيرته عليها تشوبها عند ذلك وحشية تخرج بالرجل عن منطق العقل وعن منطق القلب، إلى حال أقرب ما تكون إلى الجنون، فكيف ترينني قادرة على معاونة زوجي كي يتغلب على جنون حبه؟»
قلت: «هبي يا ابنتي هذه الحال مرضا، أوليس واجبا على الزوجة أن تسهر على زوجها إذا مرض حتى يشفى؟ وقد وصفت أنا الدواء واقتنع بفائدته إذا أنت عاونته بذكاء أنوثتك على الاستفادة منه، فحاولي مرة أخرى لعل هذه المحاولة تكون موفقة، فإذا جاء ساعة الشاي فعودي معه إلى بيتك كأن لم يكن بينكما شيء، وسأدعو لكما الله من كل قلبي أن يهديكما ويوفق بينكما.»
وكذلك كان، جاء زوجها ساعة الشاي، وتحادثنا كأن لم يكن شيء، ثم عادا بعد الشاي إلى مسكنهما، وعدت أنا إلى بيت زوجي فأويت فيه إلى خلوتي، ودعوت الله من كل قلبي أن يرزق ابنتي أطفالا تسعد ويسعد زوجها بهم، ويشغلونهما عن منازعاتهما بما يبعثون إلى حياتهما من روح الأبوة والأمومة، ومن عواطف الحنان والمحبة والرحمة. وتفتح قلبي إثر هذا الدعاء، ورجوت الله مخلصة أن يحققه، ففيه لي كذلك عزاء وسلوى إذ يعود الأطفال بنا معشر الجدات إلى أيام طفولتنا وشبابنا، ويبعثون إلى حياتنا من براءة طفولتهم ما ينبت على أغصان كهولتنا التي كادت تجف وتذوى أوراقا جديدة تبتعث حيويتنا إلى نشاط كادت تنساه، وكادت لذلك تنظر إلى المستقبل بعين زايلها كل أمل أو رجاء؛ لأن المستقبل يصبح في نظرها المنحدر الذي يهوي بنا إلى الفناء.
والحق أنني لم أكن أمزح مع زوج ابنتي ولا كنت أسخر منه حين قلت له إنه إن أنجب هو وزوجه أطفالا شغل هو بهم عن غيرته، وشغلت هي بهم عن تمليق الرجال جاذبيتها، وظل ذلك دأبهما سنوات عدة حتى يكبر الأطفال، وفي هذه السنوات يصبح هو أقل غيرة، وتشغل زوجه عن نفسها بأبنائها، وتتغير حياة الأسرة كلها تغيرا أرجو أن يفيء عليهما الرضا والطمأنينة!
Неизвестная страница