قال: «بل قل.»
قال: «لقد بعثني خالد إلى أمير المؤمنين خاطبا.»
قال: «من؟ ولمن؟»
قال: «مولاتي رملة أخت أمير المؤمنين، إلى مولاي خالد بن يزيد. وقد كتب بذلك كتابا فقدته في المدينة لسبب يطول شرحه.»
فوقع الطلب موقع الاستغراب عند عبد الله لما بينه وبين بني أمية. على أنه لما تذكر ما سمعه من حسن مال إلى تصديق الأمر، وإن بقي مرتابا في حقيقة مهمته، فقال له: «إذا كان خالد كما وصفت فإني أرحب بمصاهرته، وكنت أود الاطلاع على كتابه. وليس هناك ما يدعو إلى العجلة والحال على ما ترى، فلنصبر حتى يقضي الله بيننا وبين هذا الطاغية الذي يرمي بمنجنيقاته بيت الله ولا يخاف عقابا.»
فقال حسن: «ذلك ما دعاني إلى التردد في تبليغ الرسالة، ولكن يكفيني ما علمته من رضاكم، رغم أني لا أحمل كتاب خالد ، وسأكتب إليه لأطمئنه بالقبول ولكي يرسل كتابا آخر في هذا الشأن. ثم إني أعرض على مولاي أن أكون في خدمته لعلي أستطيع أمرا يكون فيه مصلحة له. فهل ترى أن أذهب إلى الحجاج فأكلمه في شأن الهدنة أو الصلح فربما كان لكلامي وقع عنده؛ لأني أعد من أنصار بني أمية فلا يرتاب في إخلاصي؟»
فقطع عبد الله كلامه وقال: «لا ... لا ... دعهم وما يفعلون، إني لا أريد وساطة لدى عبد ثقيف.» قال ذلك ووقف، فوقف حسن وحياه ثم انصرف من غير الباب الذي دخل منه، وكان الليل قد أرخى نقابه فتبعه ابن صفوان وناداه قائلا: «رويدك يا أخا العرب.»
فوقف حسن حتى اقترب ابن صفوان منه، فأمسك هذا بيده وأدنى فمه من أذنه وقال همسا: «تعال معي.»
فمشى معه حتى دخلا دارا بجانب دار ابن الزبير، فأدخله غرفة خالية وقال له: «سمعتك تعرض على أمير المؤمنين التوسط لدى الحجاج في المهادنة أو نحوها، وأمير المؤمنين لم يقبل ذلك أنفة منه، ولكنني أعلم ما نحن فيه من الضنك، وإن المهادنة تفيدنا في لم شعثنا؛ لأننا قد تشتتنا. لا أقول ذلك خوفا من الموت فإننا لا رغبة لنا في هذه الحياة، وإنما نحن نطلب الآخرة وبنو أمية يريدون هذه الحياة الفانية ويسفكون الدماء من أجلها. فإذا رأيت أن تقوم بهذه المهمة فافعل.»
قال: «سأسعى في ذلك جهدي، ولعلي أوفق إلى ما فيه الخير إن شاء الله.»
Неизвестная страница