فائدة: اعلم أنه يطلق المشعر الحرام على المزدلفة كلها، ويدل عليه خبر ابن عباس رضي الله عنهما الطويل في تعليم جبريل عليه السلام لإبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم المناسك، وفيه أنه أتى به جمعا فقال: (( هذا المشعر الحرام.))، أخرجه أحمد والطبراني في الكبير، قال الهيثمي رجاله ثقات، وهو مراد الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام في قوله: (( حد المشعر إلى المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر.))، ويطلق على موضع خاص من المزدلفة كما في خبر الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام: (( ثم يبيتون بها، فإذا صلى الفجر وقف بالناس عند المشعر الحرام حتى تكاد الشمس تطلع، ثم يفيضون وعليهم السكينة والوقار.)). وفي خبر الصادق عن الباقر عن جابر: (( حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبره وهلله ووحده. فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس ...))، الخبر. والذي يدل على أن الإمام الهادي عليه السلام أراد في تحديده للمشعر المعنى العام وأنه يثبت المعنى الخاص قوله في الأحكام: (( فإذا طلع الفجر، فليرتحل وليمض حتى يقف عند المشعر الحرام، ويذكر الله سبحانه.))، وقد سبق له أن قال في حج إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم: (( ويقال - والله أعلم - إنها إنما سميت مزدلفة لازدلاف الناس منها إلى منى، وإنما سمي موضعها جمعا لأنه جمع بين الصلاتين، ثم نهض حين طلع الفجر فوقف على الضرب، الذي يقال له قزح ووقف الناس حوله، وهو المشعر الحرام الذي أمر الله بذكره عنده...)) إلى آخره. والراجح أنه حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر من إطلاق اسم الجزء على الكل أو العكس، ومن لم يحقق هذا اضطرب فهمه. وقد نظر بعض الفقهاء على كلام الإمام في تحديد المشعر، وسببه ما ذكرت لك. قال ابن عبد البر وتبعه المقبلي أن المشعر والمزدلفة وجمعا ثلاثة أسماء لموضع واحد. ونقل عن الزمخشري أنه قال: (( هو قزح أو المزدلفة جميعها.))، وقال: (( قزح هو الجبل الذي يقف عليه الإمام.)). وفي المصباح: (( والمشعر الحرام جبل بآخر مزدلفة واسمه قزح.))، انتهى. وهو بضم القاف وفتح الزاي وآخره حاء مهملة، وهو الجبل المعروف، وقد بني عليه بناء وتحته مسجد، وتسميته بقزح كما نص عليه الإمام الهادي إلى الحق قد وردت في الخبر في الجامع الكافي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( فلما أصبح وقف على قزح.)). وقال: (( هذا قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف غير بطن محسر.)). وعن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أصبح بجمع أتى قزح فوقف عليه، وقال: (( هذا قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف.))، أخرجه أبو داود والترمذي، وقال حسن صحيح.
Страница 135