فقال لبيب حاسما الموضوع ومخاطبا زينة: احمدي ربنا، العروس عمرها كبير ولكن مالها وفير.
وأرادت زينة أن تؤجل الزواج حتى ينتهي خليل من دراسة الحقوق، ولكن العروس كانت أحرص على حظها من ذلك، ولم يتأخر الزواج إلا ريثما تجدد المرأة بيتها وتؤثثه، وتزوجت من خليل، ولما حصل على الليسانس في عام 1965 كان قد أنجب بكريه عثمان وتعين في قضايا الحكومة، وقدر كثيرون أن الزواج مقضي عليه بالفشل في سن معينة، ولكن خيرية فارقت الحياة في الخمسين وهي تجري جراحة في الكلوة، ولم تنجب سوى عثمان، ولم يفكر خليل في الزواج مرة أخرى.
حرف الدال
داود يزيد المصري
هو الابن الأصغر ليزيد المصري وفرجة الصياد، ولد بعد أخيه عزيز بعام في بيت بالغورية على مبعدة يسيرة من بوابة المتولي، وكانت فرجة الصياد ترقب الوقت المناسب لإرسالهما إلى أمها بالسوق ليتدربا على بيع السمك، ولكن يزيد قال لها: أحب أن يتعلما أولا في الكتاب.
فتساءلت محتجة: ولم نضيع الوقت بلا ثمرة؟
فقال الرجل بثقة: لولا أني أفك الخط وأعرف مبادئ الحساب ما ظفرت بعملي في وكالة الوراق.
وكانت المرأة تجد في بيع السمك فوائد لا يحظى بمثلها زوجها في الوكالة، ولكنها لم تستطع ثنيه عما عزم. ووجد الرجل تشجيعا من صديقه الشيخ القليوبي المدرس بالأزهر، بل قال له: الكتاب وبعده الأزهر إن شاء الله تعالى.
ولكن تدين يزيد - كصديقه الثاني عطا المراكيبي الذي كان يقيم في نفس البيت - كان قانعا بأداء الفرائض المتاحة كالصلاة والصوم لا يتجاوزهما إلى أحلام دينية أعمق، فرسم لولديه الكتاب كمدخل للحياة العملية، وذات يوم والشقيقان يجولان ما بين الغورية والسكة الجديدة رأيا نفرا من رجال الشرطة، أما عزيز فبإلهام خفي هرب، وأما داود فقد اعتقله رجل الشرطة وساقوه إلى المجهول. وتحدث الناس بما رأوا، وعرفوا أن الوالي محمد علي يحمل أبناء الناس إلى ما وراء الأسوار ليلقنوا علوما جديدة، إنه يحبسهم تحت الحراسة حتى لا يفروا من التعليم. وقال عزيز لأبيه: لولا العناية لسقطت في أيديهم.
وشكا يزيد «مصيبته» إلى الشيخ القليوبي فقال له: لا تحزن، ابنك في الحفظ والصون، وربنا يدفع عنه السوء.
Неизвестная страница