عن أن يتمادى به الكلام خاليا عن ذكر المفضل المنعام، فقال: " آمنت بمن نور بك الظلم... " إلى آخره، معبرا عن المؤمن به جل شأنه بالموصل ليجعل الصلة مشعرة ببعض أحوال القمر، ويعطف عليها الأحوال الأخر فتتلائم جمل الكلام، ولا تخرج عن الغرض المسوق له من بيان تلك الأوصاف والأحوال.
والتعبير بالنكرة الموصوفة وإن كان يحصل به هذا الغرض أيضا إلا أن المقام ليس مقام التنكير كما لا يخفى.
فإن قلت: مضمون الصلة لا بد أن يكون أمرا معلوما للمخاطب، معهودا بينه وبين المتكلم انتسابه إلى الموصول قبل ذكر الصلة، ولذلك لم يجز كونها إنشائية كما قرروه، والمخاطب هنا هو القمر وهو ليس من ذوي العلم فكيف يلقى إليه الموصول مع الصلة؟.
قلت: كونه من غير ذوي العلم ليس أمرا مجزوما به، وقد مر الكلام فيه قبيل هذا (1)، سلمنا، لكن تنزيل غير العالم منزلة العالم لاعتبار مناسب غير قليل في كلام البلغاء، فليكن هذا منه، على أن التنزيل المذكور لا مندوحة عنه في أصل نداء القمر وخطابه، فإن الخطاب توجيه الكلام نحو الغير للإفهام، فلا بد من تنزيله منزلة من يفهم.
واللام في " الظلم " للاستغراق، أعني: العرفي منه لا الحقيقي، والمراد الظلم المتعارف تنويرها بالقمر، من قبيل جمع الأمير الصاغة.
ويمكن جعله للعهد الخارجي.
والحق أن لام الاستغراق العرفي ليست شيئا وراء لام العهد الخارجي، فإن المعرف بها هو حصة معينة من الجنس أيضا، غايته أن التعيين فيها نشأ من العرف، وقد أوضحت هذا في تعليقاتي على المطول (2).
Страница 98