Современность: очень короткое введение
الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
توجد هذه البراعة الشكلية أيضا في الموسيقى والرسم، لا سيما لدى الكثير من الرسامين الحداثيين الذين عملوا في سلاسل اللوحات ذات الفكرة الواحدة، باستخدام التكرار والتنويع الموضوعي. وهكذا يمكننا «قراءة» التطور التسلسلي للحياة الجامدة التكعيبية، وتنويعات كاندينسكي العديدة على الأفكار الإنجيلية من خلال تجريد تقدمي، وتنويعات بيير بونارد التي تعرض مشاهد منزلية تجسد زوجته وهي تغسل أو تستحم، وبالطبع مواجهات بول سيزان المتعددة مع جبل سانت فيكتوار، واحتفاءات كلود مونيه بحديقته في جيفرني، والعديد من التنويعات من عام 1892 حتى 1926، على هذا النحو. كل هؤلاء الفنانين (ناهيك عن هؤلاء الذين أصروا، مثل دالي، على أن يروا كما هم) هم الأبطال الخفيون المستترون لمثل هذه الأعمال. فمن الواضح للغاية، على سبيل المثال، في «مجموعة فولار» للتشكيلات الحفرية لبيكاسو، أن ستة وأربعين منها، والتي كانت من صنع «استوديو النحات» نفذت فيما بين 1933-1934، وتحكي قصة عن العملية الإبداعية. وتظهر العديد من هذه التشكيلات شخصا يتأمل منحوتة مكتملة بطراز من التجسيد مناقض لطرازها. إن بيكاسو يفكر بشأن النحت عن طريق رسمه؛ ومن ثم طور في هذه المجموعة ميثولوجيا بسيطة، ووثنية، وتتخذ طابع الجنس في عصور ما قبل الميلاد. ففي واحدة منها، تنظر امرأة ذات جمال كلاسيكي إلى منحوتة سريالية مصنوعة من كرات، ووسادة، وأرجل طاولة وما إلى ذلك، وفي أخرى، يجسد إلها أو بطلا أوليمبيا ليرمز للفنان. وهو في إحدى النقوش إله للنهر يضطجع بجوار «ربات الرشاقة الثلاث». في هذه المجموعة، هناك تجسيد بمجموعة كبيرة من الأساليب ، وكلها أعيد تشكيلها بالعاطفة والمرح، والكثير منها مثير للشهوة؛ إذ تجسد مواقف جنسية بأسلوب واقعي أكثر منه تجريدي، وجميعها تفوح بذلك الإتقان للتقنيات المختلفة الذي يميز كبار الحداثيين.
لعل أكثر الأمثلة إثارة للدهشة، بعيدا عن «يوليسيس»، على الإجراءات الشكلية الشاملة، التي تدين بشدة أيضا للماضي؛ هو أوبرا «ووزيك» لآلبان بيرج، فنجد مشاهدها الخمسة عشر مقسمة بشكل متماثل إلى ثلاثة فصول، أعدت على شكل عرض، وتفاعل، ومحنة (وخاتمة)؛ ومن ثم تماثل شكل السوناتا. يضم الفصل الأول خمس مقطوعات موسيقية تعبيرية قصيرة، فيما أعد الثاني على هيئة سيمفونية. أما الثالث فعبارة عن سلسلة من الابتكارات الخاصة بالعناصر الموسيقية (الفكرة، والنغمة، والإيقاع، والنغمات المتآلفة، والمقام). وقد أدخل بيرج في الأوبرا أشكالا وقوالب كلاسيكية، بالأسلوب اللامقامي، مثلما حدث في الحقبتين الباروكية والكلاسيكية، ولكن دون أن يبدو وقعها ولو للحظة ساخرا أو كلاسيكيا مجددا. وكان بيرج حريصا مثل جويس على ضرورة أن يكون تصميمه الأساسي مميزا، فكان يرسل مخططا مع كل نسخة من المقطوعة، ولكنه واضح أيضا في أننا لسنا بحاجة لأن تكون لدينا القدرة على تمييز التنويعات الواحدة والعشرين على «باساكاجليا» في الفصل الأول، المشهد الرابع. فكما في «يوليسيس»، يمكن أن نستغرق تماما في التطور الدرامي للحبكة، وتلاؤم التعبير الموسيقي المتكشف تدريجيا مع الشعور؛ إذ يكمن في قلب البنية الكلية الوعي الشديد المحدودية والاضطهاد، والجلي بالكاد، والذي يصل في النهاية إلى حد الجنون، لدى ووزيك العاطفي الجاهل، بثقته الظاهرية في الله، ومعتقداته الخرافية بشأن مطاردة الماسونيين له، وهلاوسه بسبب النظام الغذائي الذي فرضه عليه الضابط قائده، وهو طبيب، وهذيانه بشأن الخطيئة، وأخيرا رده على قول زوجته ماري له حين يقتلها إن سكينا يخترق جسدها أفضل من أن تمتد عليها يد. وهي الفعلة التي يقدم عليها إثر قيام عشيقها، قائد فريق الاستعراضات العسكرية، بالتهكم عليه وضربه ضربا مبرحا، ويتعرض للغرق فيما بعد عند محاولته إخفاء سلاح الجريمة. وتحت هذه الميلودراما التعبيرية، في الموسيقى ذات الدراما والقوة غير العادية، يكمن تنظيم شكلي صارم واستحواذي بنفس القدر تقريبا. على سبيل المثال، اختيار فوجا ثلاثية للفصل الثاني، المشهد الثاني حددته الطبيعة العامة له؛ الذي تتبع فيه كل شخصية من شخصياته الثلاث هوسها الخاص، ومع ذلك فالصياغة التفصيلية لأفكار الفوجا الثلاث تعد أيضا انعكاسا دقيقا لمتطلبات النص والأداء المسرحي التي تظهر من لحظة للحظة. في الواقع، وكما يعلق دوجلاس جارمان: «إن هذا الانصهار المتناقض - فيما يبدو - للحسابات الفنية والعفوية العاطفية هو ما يضفي على موسيقى بيرج روعتها الغريبة.» ولعل النجاح الذي أحرزته الأوبرا عبر أنحاء أوروبا بعد عرضها الافتتاحي في برلين عام 1925، بقيادة كلايبر، هو الشيء الأبرز من حيث إنه جاء بمنزلة احتجاج ضخم نيابة عن الطبقة الفقيرة «المساكين» ضد نظام اجتماعي متوحش واستبدادي. وبحلول أول عرض لها في إنجلترا، تحت قيادة بولت في عام 1934، كانت قد حظرت في ألمانيا.
خلف كل هذا يكمن إيمان بقيمة العمل المنظم بشكل ذاتي، بوصفه تعبيرا ليس فقط عن تقاليده الجمالية تحديدا، ولكن أيضا عن قيمة محاولة إجراء توحيد متجانس وتنظيم للشخصية. فمع انتهاء قصصهم على التوالي، يستطيع ستيفن ديدالوس الطيران بشباك الوطنية والدين، ويتمكن كاستورب من الهبوط من على الجبل، ويتمكن إليوت من التوصل إلى برهان ديني إيجابي في النهاية المتأججة الموجزة لكامل الفكرة ل «الرباعيات الأربع». وهذه الانعكاسية سمة معروفة عن الحداثية؛ ومن ثم كانت ادعاءاتها بالثقافة الرفيعة غالبا ما ترتبط بقصة عن أشخاص، وبخاصة عن القوى المنظمة للعقل، ولا غرابة في أن ابتكار العديد من المناهج الشكلية الحداثية كان يعتقد أنه شبيه باكتشافات الرتبة في العلم. ويتبع ذلك أيضا اعتقاد بأهمية القصص التعليمية لكل من: مان، وجويس، وباوند، وجيد، وهيسه، ولورانس، ووولف، وموزيل، من بين آخرين، بالنسبة لمطلع القرن العشرين.
السريالية
تتطور هذه النزعات إلى حد متطرف في الحركة الحداثية المجددة جذريا التي ظهرت بعد عام 1918، وهي:
السريالية تعني آلية سيكولوجية خالصة، يعتزم بموجبها المرء التعبير لفظا، أو كتابة، أو بأي وسيلة أخرى، عن النشاط الفعلي للعقل. في السريالية، يكون الحكم للفكر، في غياب أي رقابة من قبل المنطق، وبعيدا عن أي انشغالات جمالية أو أخلاقية. موسوعيا، تقوم السريالية في الفلسفة على أساس الإيمان بالواقع الأسمى لأشكال أخرى من الربط لا تزال مهملة حتى الآن، بالقدرة الكلية للأحلام، بالعبث غير الموجه للأفكار. وهي تؤدي إلى الهدم المستديم لجميع الآليات السيكولوجية الأخرى، وللبديل المتوافر لديها لهذه الآليات في حل جميع مشكلات الحياة الأساسية.
لم يكن هذا هو التحدي اللاعقلاني الأول، ولن يكون الأخير، لثقافة قمعية يعتقد أنها تحتفي بالقوى الخاطئة (العقلانية، التابعة) للعقل. وتتضح مثل هذه المقاصد من خلال «البيان السريالي» الصادر عام 1924، لأندريه بريتون: «ما زلنا نعيش تحت ولاية المنطق ... ولكن في هذا اليوم والعصر، لا تصلح الطرائق المنطقية للتطبيق إلا لحل المشكلات ذات الأهمية الثانوية.» ومن ثم:
ربما يكون الخيال على شفا استعادة حقوقه. فإذا كانت أغوار عقولنا تحوي قوى غريبة قادرة على تعزيز تلك التي على السطح، أو على شن معركة ظافرة ضدها؛ فكل الأسباب متوفرة للاستحواذ عليها؛ الاستحواذ عليها أولا، ثم، إذا دعت الحاجة، إخضاعها لسيطرة عقلنا.
ولكن كيف يمكن تنفيذ هذا؟ كيف يمكن، على سبيل المثال، أن نصل إلى «آلية سيكولوجية خالصة» ونتوصل إلى اكتشافات في الفن؟ جزء من الإجابة السريالية عن هذا السؤال كان: من خلال الاستغلال «العلمي» للإجهاد البدني، والعقاقير، والجوع، والأحلام، والمرض النفسي (في خط ملحمي يبدأ من جورجيو دي شيريكو، وجاك فاشيه، ورايموند روسيل، مرورا بجاك كيرواك، وويليام إس بوروز، وتوماس بينشون، وكثيرين آخرين). وقد حاول الكثير من السرياليين أن يضعوا أنفسهم داخل هذا النوع من الأسلوب الاستقصائي (وهو الأمر الذي أحيانا ما كان يأتي بنتائج هزلية أكثر منها علمية، مثلما حدث عندما تنافس روبرت ديسنوس وماكس موريس ورينيه كريفل على الخلود إلى «نوم مغناطيسي»). ويقدم لنا كتاب يوجين جولاس «بحث في روح ولغة الليل» (1938) فكرة جيدة عن الأفكار البارزة المتضمنة: (1)
ماذا كان آخر أحلامك المميزة (أو أحلام اليقظة، أو الخيال الناتج عن هلاوس ما بين النوم واليقظة)؟ (2)
Неизвестная страница