Современность: очень короткое введение
الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
لم يكن فراي قد شاهد سوى بعض من أعمال كاندينسكي الأولى في لندن في هذه الفترة، إلا أن تنبؤه بشأن تجريدية تقدمية، الذي قام على افتراض أن تأثيرات الرسم التجريدي يمكن أن تزداد تشابها مع تأثيرات الموسيقى أكثر وأكثر، يتأكد من خلال الطريقة التي تزداد بها الرمزية التنبئية للقلاع والأبراج والرماح والقوارب في أعمال كاندينسكي الأولى صعوبة في إدراكها وتمييزها أكثر وأكثر. تعود اللوحة المستنسخة هنا (الشكل
2-2 ) إلى الفترة من 1915-1921، حين اتجه إلى الأشكال العضوية البحتة، ثم التجريدية الهندسية (في الباوهاوس)؛ ففي لوحة «البقعة السوداء»، بإمكاني أن أرى عقربا محتملا، وربما قاربا ومجاذيف، في موقعها المعتاد لدى كاندينسكي، في أسفل الجهة اليسرى، وربما أجزاء من الرسم التخطيطي لزوجين مضطجعين - وهي إحدى أفكاره المعتادة - فوق القارب مباشرة. لكن قد يكون ذلك وهميا؛ فالألوان وديناميكية العلاقات بين الأشكال هي العامل المهم هنا. وبالنظر إلى لوحات تلك الفترة، تجد جيلينا هول-كوتش نفس الصعوبة التي أجدها في الإجابة عن سؤال: «متى بدأ كاندينسكي، في الواقع، إدخال عناصر مرئية جديدة وحرة تماما لا تحمل أي شبه للأشياء الطبيعية، أو أي نوع آخر من الأشياء المألوفة في لوحاته؟» لكن لا شك أن الهدف الأسمى هو الوصول إلى تجريدية أكبر. يمكننا أن نرى هذا في أبهر صوره في السلسلة المدهشة المكونة من عشرة «مؤلفات» رسمها كاندينسكي من عام 1910 حتى 1939.
شكل 2-2: فاسيلي كاندينسكي، لوحة «البقعة السوداء» (1921). التجريدية العضوية تبتعد عن التجسيد الطبيعي متجهة نحو الأشياء الخيالية.
ويتكرر ظهور الأفكار الخاصة بالتجريد في جميع لغات أوروبا، في محاولة لإظهار أن الفنانين الحداثيين قد عملوا «على نحو تقدمي» على التخلي عن التناظر الفوتوغرافي، وكأن الهدف هو أن يصبحوا «تجريديين» أكثر وأكثر، ولكن، مثلما رأينا، بطرق شديدة الاختلاف (أبدي بيت موندريان أسفه لعدم وصول بيكاسو مطلقا لهذه المرحلة).
لغات جديدة للفنون
يفسر هذا النوع من التقدم الحداثي كتطوير وتعديل لما مضى؛ ومن ثم يمكن توضيح الصلات بأي فن سابق بشكل أكثر وضوحا، ولكن هؤلاء الفنانين الذين غيروا اللغة الأساسية للفن كانوا الأكثر تطرفا بشكل واضح. والشخصيات البطولية في بداية الحقبة الحداثية - بيكاسو، وجويس، وكاندينسكي، وشونبرج، وسترافينسكي، وباوند، وإليوت، وأبولينير، ومارينيتي - جميعهم فعل هذا فيما يتعلق بفنونهم الخاصة؛ فنجد بيكاسو مع «آنسات أفينيون» (1907) بشخصياتها العارية القبيحة المنفعلة البائسة، وببعض وجوهها التي تشبه الأقنعة الأيبيرية، فيما كانت الأخرى مشوهة مثل وجوه مرضى الزهري. وهناك جويس مع الصفحات الأولى من مقاله «لوحة الفنان» (1914)، التي تعد تجسيدا استثنائيا للتجربة المرئية وتيار الوعي لدى طفل صغير. وشونبرج مع الحركة الأخيرة من مقطوعته «الرباعية الوترية الثانية» (1908)، التي يطفو فيها الصوت الذي أضافه بشكل مطرد إلى أعلى داخل «النغمة الجديدة» لموسيقى ليس بها نقاط مرجعية مقامية. وسترافينسكي مع «طقوس الربيع» (1913) بوحشيتها البدائية يتبعها تغيرات متنافرة غير مسبوقة في الإيقاع، ثم اندفاع أوجي أخير في «رقصة الأرض»، وفيها ترقص فتاة عذراء حتى الموت على سبيل التضحية.
كذلك تحدت الترابطات الحرة غير المنطقية للشعراء؛ أمثال: أبولينير، وسندرار، وباوند، وإليوت، وجوتفريد بن، وجاكوب فان هوديس، وأوجست سترام وآخرون، اللغة الأساسية للترتيب المنطقي، ودلالاتها بالنسبة للتوافق الاجتماعي. فترى بروفروك؛ بطل قصيدة إليوت، يقول: «لنمض إذن»، لننطلق عبر شوارع بوسطن القذرة، التي قد تقودنا نحو «سؤال ملح» مثلما تفعل القصيدة ذاتها. ولكن في قصيدة تحوي - على الأقل - خمسة عشر سؤالا، من الصعب تحديد الملح منها، لما كانت جميعها تتسبب فيما يبدو في حرج لبروفروك. إن الفكرة المجددة لهذه القصيدة لا تعتمد فقط على ما تحويه من مجموعة مدهشة من التلميحات، لكل من دانتي، ولافورج، وهسيود، وسفر الجامعة، ومارفيل، ويوحنا المعمدان وآخرين، ومحاكياتها الساخرة الأسلوبية لشكسبير وسوينبرن، من ضمن كثيرين آخرين، وإنما تعتمد على العمل غير المسبوق الذي تظل تدفعنا للقيام به، عبر مساحاتها البيضاء العديدة، والتي تعد أيضا فجوات مفاهيمية بين الفقرات التي تتبع منطقا ترابطيا وليس سرديا، وليس لها حتى ترتيب متماسك نفسيا. هل حقا يواجه بروفروك ألغاز الكون وأسراره، أم هو مجرد رجل واسع الاطلاع والتخيل بشكل عميق مذعور من الذهاب إلى حفل شاي ليغازل امرأة جذابة؟ كما هو الحال مع قدر كبير للغاية من الفن الحداثي، فإن القارئ أو المشاهد أو المستمع هو المنوط بإيجاد علاقة جزء بالذي يليه، ثم الذي يليه، في إطار عملية اقتفاء ومعرفة منطق يختلف تماما في الواقع عن منطق الفن الذي جاء قبله، والذي يظل يمثل تحديا بعد مرور مائة عام.
كان هذا السعي لإيجاد طريقة جديدة جذريا ومحددة تماما لترتيب أي عمل فني أساسيا لبعض الفنانين لتصورهم لمهمتهم؛ مثل هؤلاء الذين اتبعوا شونبرج في خروجه عن حدود المقامية المتدرجة لمقطوعته «الرباعية الثانية» و«بييرو في ضوء القمر»، نحو تطوير تقاليد جديدة للموسيقى الاثنتي عشرية. ويوضح شونبرج - بشكل خاص - الطريقة التي أراد بها هؤلاء الفنانون الطليعيون الذين استهدفوا إحداث تغيير جذري في النموذج، أيضا أن تدون أسماؤهم في «تاريخ فني» تقدمي. ولذلك يهاجم هؤلاء الذين يتجاوزون «القوانين» أو «القواعد» التي كان يرى (ببعض المبالغة) أنها قد «شرعت» للموسيقى الألمانية، ولكنه بعد ذلك توصل إلى بعض القوانين الخاصة به، مخبرا تلميذه جوزيف روفر في صيف 1921 أنه قد توصل إلى «اكتشاف ستضمن الموسيقى الألمانية بفضله تفوقها وسيطرتها على مدى الأعوام المائة القادمة». وقد جاء أول توضيح لسمات وخصائص نظامه الجديد «للنغمات الاثنتي عشرة» للعالم في مقال تلميذه إرفين شتاين بعنوان «المبادئ الشكلية الجديدة» في عام 1924. بشكل بسيط للغاية، لا بد أن تبنى الحركة الموسيقية للعمل من «صف» واحد من النغمات، وهي «المجموعة الأساسية» التي تستخدم جميع النغمات الاثنتي عشرة للسلم الكروماتيكي، بترتيب ثابت يظل كما هو بلا تغيير على مدار المقطوعة. يمكن وضع سلسلة النغمات في اللحن المعاكس، أو الترجيع، أو الترجيع العكسي، والبدء من أي نغمة من النغمات الاثنتي عشرة (وهذا يعني أن المؤلف لديه ثمانية وأربعون صفا من النغمات متاحة لأي مقطوعة، ولكن النموذج يتضمن، بالرغم من ذلك، عددا مذهلا من القيود).
كانت مقطوعة «خماسية آلات النفخ» لشونبرج، المقطوعة رقم 26 عام 1924، هي أول مقطوعة طويلة يتم تأليفها بالكامل وفقا لهذا المنهج (وهذا العمل هو ما يدرسه سترافينسكي عن كثب في عام 1952، بعد سنوات، في إطار «تحوله» إلى منهج شبه تسلسلي في التأليف). من الممكن أن تبدو الموسيقى الاثنتي عشرية شبيهة إلى حد كبير بنمط معياري للبناء الهندسي - بما تحويه من قواعد لاتباعها قد تقضي على أي نوع من التعبيرية الشخصية - وكان التبرير لهذا الإجراء بالنسبة لشونبرج علميا بشكل موضوعي؛ فقد زعم أن تجاربه قد كشفت عن الطبيعة الحقيقية للعلاقات بين الأصوات، من خلال اكتشاف توليفات من النغمات اللافيثاغورثية. والمذهل في الأمر أنه بحلول 23 يوليو من عام 1925، كان آلبان بيرج قد كتب كونشيرتو الحجرة، الذي يعد عملا منهجيا رسوليا للغاية، ووصل بالتأليف الموسيقي اللامقامي والاثني عشري إلى مستويات معقدة ورمزية رقمية. غير أن تفصيلة «المنهج» الاثني عشري لا تهم كثيرا بقدر أهمية المزيج الغريب من «الأفكار» الطليعية عن أهميته الفلسفية وشبه العلمية التي نسبها إليه شونبرج ومترجموه، وأبرزهم تيودور دبليو أدورنو.
لذلك غالبا ما يوجد نوع من «العلمية الزائفة» في كثير من النشاط الحداثي؛ وهو توجه نحو العالم الحديث يطالب بأن تستخدم الفنون طرائق إنشائية عقلانية حتى نصل إلى مستوى أكثر بساطة من الواقع، والذي غالبا ما يخال أنه مألوف بالنسبة للفن والعلم (بل وللكون ككل). وقد أطلق بيت موندريان وأتباعه في حركة دي ستيل هذه النوعيات من المزاعم، وزادوا الأمور تعقيدا بأن أضافوا إليها طبقة ميتافيزيقية من اللاهوت الصوفي. فحين ننظر إلى لوحات موندريان في الفترة ما بين 1917 و1921، نرى عملا يبدو خاليا من موضوع يتسم بالمحاكاة والتقليد، عدا نفسه؛ لأنه ينتمي لتقليد حداثي له آراء نظرية قوية حول استخدام لغة مقيدة محكومة بقواعد من الخطوط المستقيمة والأسطح اللونية المستطيلة. لقد أنتج فنا تجريديا كان «منقى» مقارنة بفن الآخرين، ولكنه أيضا (بطريقة كانت منبئة بالتجريد الهندسي اللاحق) يسفر عن أسلوب يسهل تمييزه سريعا. على سبيل المثال، تتسم لوحة «تكوين بالأحمر والأصفر والأزرق والأسود» تعود لعام 1921 (الشكل
Неизвестная страница