ويقسم الجات إلى ثلاث جماعات دينية: المسلمين المسيطرين على القسم الأدنى من وادي السند والسك أو أتباع نانك المقيمين بالبنجاب وأتباع البرهمية المستقرين بمنطقة راجبوتانا والمنتسبين إلى طائفة الويشية.
وبينما كان الجات يملكون جميع الهند الغربية أغارت عليهم قبائل الآريين المحاربة، فبادر الجات إلى الخضوع، على ما يحتمل، فعاملهم الآريون الغالبون بالحسنى، فأحدثوا لهم طائفة جديدة عرفت بطائفة الويشية التي لا تزال مشتملة، بوجه عام، على أبناء الطبقة الوسطى ولا سيما التجار، مع حصر قدماء الأهالي في طائفة الشودرا المحتقرة.
ولا ريب في أن ذلك كان نتيجة اتفاق أو تراض قاض بجعل سلطان الآريين فوق تورانيي غرب الهند، ولا نزال نجد لهذا الاتفاق أثرا في بعض حفلات التتويج حيث يتسلم الأمير الراجبوتي الصولجان من رعاياه الجات.
وحدث في أواخر القرن الخامس عشر نوع من الإصلاح الديني فظهر مذهب السك الذين غدوا شعبا بعد أن كانوا جماعة من الأشياع والمريدين، وبيان الأمر أن نبيهم نانك حاول أن يجمع الإسلام والديانات الهندوسية في دين واحد، وأن يصهر العروق بإزالة ما بين الطوائف من الفروق، وبإعلانه المساواة بين الناس، فصار جميع الذين اعتنقوا تعاليمه من السك أو من «المريدين»، وهؤلاء كلهم كانوا من الجات تقريبا، فانضم الآريون إليهم فرفعوا بذلك مستوى الجات، ثم أضحى السك شعبا حربيا؛ فنمت أجسامهم بفضل تمارينهم العسكرية، فلم يلبثوا أن تألف منهم عرق باهر يتصف مثاله بالبأس والكيس ونبل الملامح وقوة البيان وانسجام القامة، فالمحارب السكي هو من أمثلة جمال النوع الإنساني حقا.
وزعيمهم الثاني غووندسنغ هو الذي حبب إليهم النظام العسكري، فإذا كان نانك قد هداهم إلى معتقد روحي عال قائل بإله واحد فإن غووندسنغ من عليهم بالفولاذ رمزا ماديا، ما صنع من هذا المعدن دروع مسردة وسيوف مهندة، فعلى السكي المحارب أن يحمل تميمة من فولاذ ولو نزع منه سلاحه.
وكان السك يطيعون زعيما منتخبا منهم، وكانوا يجتمعون في مجالس شعبية للتشاور في الشئون المهمة، ولم يلبث السك أن بدوا قوما أولي بأس شديد فاضطر ملوك المغول والإنجليز من بعدهم إلى مراعاة جوانبهم، فلما كانت أوائل هذا القرن أقام السك في البنجاب دولة مرهوبة، فعامل الإنجليز زعيمهم ملك لاهور المسمى رنجيت سنغ معاملة الند للند، وأجلس زعيمهم هذا على عرش الأفغان ملكا اختاره بنفسه، واليوم عاد السك يكونون، كما في الماضي، طائفة دينية عاصمتها الروحية مدينة أمرتسر المهمة.
وحب التعليم نام عند السك، فلهم جمعيات علمية مهمة نذكر منها جمعية لاهور المشتملة على علماء فطاحل، وما في السك من الروح العسكرية التي لم يخب
26
أوارها
27
Неизвестная страница