هو خالق جميع البدهات وكثيرا من البدهي ستوايات الذين يحبهم، وقد خلق العالم بمعونة برانجا ودهرما «واحد من الثالوث البدهي»، وليس له خالق ، وهو مبدع الفضيلة، وهو يعيد كل شيء إلى العدم. (3) القصائد الهندوسية الحماسية الكبرى
المهابهارتا
قصائد المهابهارتا العظيمة من أضخم آثار العالم الأدبية فضلا عن آثار الهند الأدبية القديمة ، وهي تشتمل على 215000 بيت شعر مع أن الإلياذة لا تحتوي على أكثر من 15000 بيت، ولا تحتوي الأوديسة على أكثر من 12000 بيت، ولا تحتوي الإينئد على أكثر من 10000 بيت، ويتالف من المهابهارتا خمسة عشر مجلدا عاديا يبلغ مجموع صفحاتها 75000 صفحة.
وللمهابهارتا أصل أضيف إليه مع الزمن شيء كثير، فتعد المهابهارتا من عمل القرون، لا من عمل رجل واحد، وتقدر المدة التي انقضت بين وضع نصها الأصلي وآخر تصحيح فيها بألف سنة، ولا يمكن تحديد عمرها بالضبط، ولكن من المشكوك فيه أن يكون أحدث أقسامها قد وضع بعد القرن الثالث من الميلاد.
وللمهابهارتا عظيم أهمية لدى الهندوس، فقد قيل إن كتب الويدا الأربعة وضعت في كفة ميزان وإن المهابهارتا وضعت في الكفة الأخرى أمام الآلهة مجتمعة فرجحت كفة المهابهارتا، ومما نص عليه أن قراءة ما تيسر من المهابهارتا يمحو الذنوب، والحق أن تقديس الهندوس للمهابهارتا كتقديس النصارى للكتاب المقدس وتقديس المسلمين للقرآن، ويعتقد الهندوس أن المهابهارتا وضعت في السماء وأن الآلهة أنعمت بها على الناس.
وعنوان المهابهارتا، أو بهارتا الكبير، تلخيص «لقصة شعب بهارتا الكبرى»، وتخبر هذه القصة باصطراع الباندوا والكوروا فرعي أسرة البهارتيد القمرية التي استقرت بمدينة هستي نابورا القديمة الواقعة بالقرب من دهلي.
وتبدأ المهابهارتا بالأدعية والفواتح والأنساب، ثم تشتمل على قصة مؤلفة من استطرادات وإيضاحات وتكرارات مطولة يمل الأوربي منها، وفي المهابهارتا اختلطت الروايات بالأساطير اختلاطا لم يفكر معه واضعوها في ربط بعض أجزائها ببعض.
وتقوم القصة على اقتتال أبناء باندو الخمسة «الباندوا» وأبناء دهري تراشترا المائة «الكوروا» وأطل دم الباندوا، المشابهين لهركول وثيزة اللذين ذكرا في الأساطير اليونانية، ولفرسان القرون الوسطى التائهين، فجابوا بلاد الهند وأنقذوها من الغيلان المفسدين وقاموا بغريب الأعمال، وقاتلوا عفاريت غاب الأساطير الهندوسية الراك شسا المفترسين للناس والقادرين على الظهور بمختلف الصور والسباحة في الأجواء، وأشد أولئك الإخوة الخمسة «الباندوا» هؤلاء هو العملاق بهيماسينا «ذو الذراعين الطويلتين والبطن الذئبي»، فقد استأصل الراك شسا الذكور وأغوى بناتهم بجماله نائلا الجوائز في جميع مسابقات الفروسية.
وفاز أحد أولئك الإخوة الخمسة على منافسيه الكثيرين، فنال دروبدي الحسناء ابنة الملك دروبدي موترا قوسا لم يقدر إنسان على ثنيه، وخرجت الآلهة من منزلها السماوي لتشهد القتال على حسب العادة، وتزوج أولئك الإخوة الخمسة بهذه الحسناء معا، وفي هذا دليل على تعدد الأزواج من الذكور في الهند في سالف الأزمان.
ولم يلبث أولئك الإخوة الخمسة أن سقطوا بعد أن بلغوا ذروة السلطة، وذلك بما اقترفه أحدهم الذي خسر كنوزه وقصوره في الميسر، والإخوة الخمسة أولئك إذ أعسروا بذلك رجعوا إلى حياة السياحة ومعهم دروبدي الحسناء، وأخذوا يتلهون بسماع ما يقصه النساك والجن عليهم من أنباء الخوارق التي لا نهاية لها، وهكذا قامت حياتهم على سماع الأساطير والقتال، ومما حدث أن بلغ أحدهم أرجنا من البأس ما حارب به الإله شيوا المتنكر في صورة صياد، أجل، إنه قهر، ولكنه اعتذر عن ذلك بأنه التزم جانب الحمية، فاقتصر على الاغتذاء بالهواء وجاف الأوراق واقفا على إبهام رجله رافعا ذراعيه طامعا أن ينال بهذا الزهد درجة إله في السماء على رأي الهندوس، ومما يذكر هنا أن مما يزعج مجلس الآلهة أن يرى الناس يقومون بتوبة قاسية، وأراد أرجنا، ذلك الذي قاتل شيوا، أن يفتن الآلهة فذهب، كأبطال دانتي، إلى السماء، وقاتل العملاق بهيماسينا «ذو الذراعين الطويلتين والبطن الذئبي» بقوة بيان الثعبان الهائل الذي لف به فلم يتركه، كما فعل أبو هول إديب، إلا إذا حل ألغازه.
Неизвестная страница