هذا ومن المعلوم أن الناس بالنسبة إلى اللغات ثلاث طوائف كبرى:
الطائفة الأولى:
أهل اللغات «السامية»، وأشهرهم المتكلمون بالعربية، ثم العبرانية، ثم السريانية، ثم الكلدانية، ثم الحبشية، ثم السامرية من اللغات الحية، والفينيقية والبابلية من اللغات الميتة، ولكل منها حروف خصت بها بحسب الظاهر، وإن كان مرجعها واحدا في الحقيقة.
والطائفة الثانية:
أهل اللغات «الآرية»، وهي جنوبية وشمالية، فأما الجنوبية فهي الشائعة في الهند وفارس، وكتابتها أصبحت بالحروف العربية بفضل انتشار الحضارة الإسلامية فيها (وذلك ما عدا اللغة السنسكريتية التي تعتبر من أقدم لغات العالم)، وأما الشمالية فهي المعروفة باللغات الهندية الأوروبية، وتشمل لغات أوروبا وقسم عظيم من أمريكا، وكتابتها بالحروف اليونانية واللاتينية أو «الرومانية» والسلافية أو «الصقلية»، ومرجع حروف هذه اللغات كلها اليونانية لأنها مصدرها.
والطائفة الثالثة:
اللغات التورانية، وأهمها التركية، وكتابتها بالحروف العربية.
فمن ذلك نستنتج أن الحروف العربية انتشرت بانتشار الحضارة الإسلامية في طائفتين من أهل اللغات البشرية، بل وفي الثالثة في اللغة الإسبانية، فقد كان بعض العرب حينما دالت دولتهم بالأندلس يكتب علومه ومعارفه، ومنها الفقه والحديث والتصوف وقصص الصالحين بل وترجمة القرآن، بحروف عربية، والكلام كله إسبانيولي قديم، ولا تزال بقايا هذه الكتب محفوظة في مكاتب إسبانيا، وقد طبع القوم منها أشياء، وعندي شيء منها في خزانتي، وتسمى هذه اللغة الخميادو
Aljamiado ، تحريفا للكلمة الأعجمية؛ لأن العين ليست في لغات الإفرنج، وكذلك الهمزة المتوسطة؛ فاضطروا أن ينطقوها ألجمى، ثم تداولوها فقالوا ألجمي بسكون اللام، والإسبانيون ينطقون الجيم خاء في أحايين كثيرة فقالوا ألخمي، ثم أضافوا إليها علامة النسبة عندهم فقالوا الخميادو
Aljamiado .
Неизвестная страница