177

قليل الماء إذا تنجس كان طهره بالكثير من الجاري أو الراكد.

وأجيب بأن المراد يطهر غيره ولا يطهره غيره.

ويرد عليه أيضا بأنه على إطلاقه غير مستقيم ، لانتقاضه بالبئر ، فان تطهيرها بالنزح ، والماء النجس يطهر باستحالته ملحا ، والماء القليل إذا كان نجسا وتمم كرا بمضاف لم يسلبه الإطلاق ، فإنه في جميع هذه الصور قد طهر الماء غيره.

وأجيب عن ذلك (اما عن الأول) فبانا لا نسلم ان مطهر البئر حقيقة هو النزح بل هو في الحقيقة الماء النابع منها شيئا فشيئا بعد إخراج الماء المنزوح. ولا يخلو من ضعف. بل التحقيق الجواب بعدم نجاسة البئر بالملاقاة ، وحينئذ فأصل الاعتراض بالبئر ساقط.

و (اما عن الثاني) فبان الماء قد عدم بالكلية فلم يبق هناك ماء مطهر بغيره. ومثله ايضا الماء النجس إذا شربه حيوان مأكول اللحم واستحال بولا ، فإنه يخرج عن الحقيقة الأولى الى حقيقة أخرى.

و (اما عن الثالث) فبعد تسليم ذلك يمكن ان يقال : المطهر هنا هو مجموع الماء البالغ كرا لا المضاف وحده.

ويمكن الجواب عن أصل الإشكال بأن الماء متى تنجس فطهره بممازجة الكثير له على وجه يستهلك النجس فيه ، وهذا لا يسمى في العرف تطهيرا ، لاضمحلال النجس حينئذ ، وحينئذ يصدق ان الماء لا يطهر. وفي الحديث حينئذ دلالة على اعتبار الممازجة في المطهر دون مجرد الاتصال كما هو أحد القولين ، ولعل هذا المعنى أقرب من الأول ، لسلامته من التكلفات.

(المقالة الثالثة) لا خلاف ولا إشكال في أن الماء الجاري بل كل ماء ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه الثلاثة أعني اللون أو الطعم أو الريح.

Страница 178